فتاوى الأسهمفتاوى عامةفتاوى الضمانفتاوى العقودفتاوى الديونفتاوى الابضاعفتاوى الإجارة

فتاوى الاعتمادات البنكيةفتاوى البيعفتاوى غرامة التأخيرفتاوى الحوالةفتاوى الاستصناعفتاوى الكفالةفتاوى القانون

فتاوى المواعدةفتاوى المضاربةفتاوى المقاولاتفتاوى المحافظ الاستثمارية فتاوى المشاركةفتاوى الرهنفتاوى السلم

فتاوى الصرففتاوى التأمينفتاوى بيع التقسيطفتاوى التورقفتاوى الوكالةفتاوى المرابحة

قرارات وتوصيات مجمع الفقه بخصوص عمليات الإيجار

بعد دراسة مستفيضة ومناقشات واسعة لجميع الاستفسارات التي تقدم بها البنك إلى المجمع

قرر المجلس اعتماد المبادئ التالية :

المبدأ الأول : أن الوعد من البنك الإسلامي للتنمية بإيجار المعدات إلى العميل بعد تملك البنك لها أمر مقبول شرعاً.

المبدأ الثاني : أن توكيل البنك الإسلامي للتنمية أحد عملائه بشراء ما يحتاجه ذلك العميل من معدات وآليات ونحوها مما هو محدد الأوصاف والثمن لحساب البنك بغية أن يؤجره البنك تلك الأشياء بعد حيازة الوكيل لها هو توكيل مقبول شرعاً . والأفضل أن يكون الوكيل بالشراء غير العميل المذكور إذا تيسر ذلك .

المبدأ الثالث : أن عقد الإيجار يجب أن يتم بعد التملك الحقيقي للمعدات وأن يبرم بعقد منفصل عن عقد الوكالة والوعد .

المبدأ الرابع : أو الوعد بهبة المعدات عند انتهاء أمد الإجازة جائز بعقد منفصل .

المبدأ الخامس : أن تبعة الهلاك والتعيب تكون على البنك بصفتة مالكاً للمعدات ما لم يكن ذلك بتعد أو تقصير من المستأجر فتكون التبعة عندئذ علية .

المبدأ السادس : أن نفقات التأمين لدى الشركات الإسلامية كلما أمكن ذلك ، يتحملها البنك .

 

الموضوع : إستئجار شيء بأجرة معينة ثم تأجيره للغير بأجرة أعلى :

السؤال : هل يجوز استئجار شيء بأجرة ثم تأجيره للغير بأجرة أعلى؟ وإذا كان الأمر جائزاً فهل يجوز إشراك شخص ثالث في عقد الإيجار الأول ليصبح شريكاً في فرق الإيجار عن طريق بيعه لحصته في ملك المنفعة الذي دخل في ضمان المستأجر الأول ، سواء كان هذا البيع بمثل الأجرة المدفوعة أو أكثر أو أقل؟

الفتوى :

يجوز استئجار شيء بأجرة معينة وتأجيرة للغير بمثل ما استؤجر به أو أكثر ما لم يمنعه المؤجر الأول أو العرف .

كما يجوز أن تكون هذه المشاركة بمثل الأجرة المدفوعة من المستأجر الأول أو أكثر أو أقل . أما إذا خرج حق   

المنفعة من تصرفه بعقد إيجار لاحق فلا يجوز عندئذ التصرف فيما خرج من ملكه وأصبح ديناً له في ذمة الغير .

 

السؤال : هل يجوز الاتفاق على شراء معدات من شركة أو عقار ثم إعادة التأجير لذات البائع ؟

الفتوى : إذا تم عقد البيع أولاً ثم جرى عقد تأجير بعد ذلك فلا مانع منه شرعاً .

المصدر : ندوة البركة الأول فتوى رقم 13 .

 

السؤال : هل يجوز شرعاً أن يشتري بيت التمويل الكويتي سيارات ويشترك البائع في نفس العقد أن تؤجر له هذه السيارات؟

الفتوى : لا يجوز اشتراط مثل هذا الشرط في العقد لأن العقد بهذه الصورة من قبيل الصفقتين في صفقة وقد نهي النبي صلى  

           الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة واحدة .

المصدر : الفتاوى الشرعية لبيت التمويل الكويتي ، الجزء الثاني فتوى رقم 131 .

 

السؤال : شخص يمتلك عقاراً قديماً وليس لديه المال الكافي لهدم القديم وإنشاء عقار جديد متعدد الأدوار وقد اتفق صاحب العقار القديم مع شخص ما على أن يقوم ببناء هذا العقار القديم . فما هو التكييف الشرعي الصحيح لإجازة هذه العملية؟

"يقول السائل : لي أرض أود تأجيرها على شخص على أن يقوم المستأجر ببناء عمارة عليها على حسابه ويدفع لي أجرة الأرض أيضاً ، ويقوم المستأجر باقتطاع جزء من قيمة إيجار الأرض لتحصيل قيمة العمارة ، فإذا استوفى المستأجر قيمة العمارة أصبحت العمارة ملكاً لي، فهل يجوز هذا التصرف؟

الحل الأول : ورأت اللجنة أنه إذا كانت المباني التي أقامها المقال على هذه الأرض المملوكة للسائل على ملك صاحب  

          الأرض ويكون ثمن المباني ديناً على صاحب الأرض ويخصم بعض الإيجار من هذا الدين على أقساط حتى يستوفي

         دينه فلا نرى في ذلك بأساً ، وللمستأجر الذي قام ببناء أن يرتهن الأرض وما عليها من مبان حتى يستوفي دينه ، وحتى

         يطمئن إلى وفائها  .                      

المصدر : مقرر لجنة الفتوى : مشعل مبارك الصباح .

 

الحل الثاني : أن يستأجر المقاول الأرض بما يتفقان عليه لمدة معلومة وأن يسمح المالك للمقاول أن يقيم عليها عقاراً بالصفة  

             المتفق عليها وأن تكون الأرض على ملك صاحبها والبناء على ملك المقاول على أنه إذا انتهت المدة ، عادت

             المباني إلى صاحب الأرض من غير أن يدفع لها مقابلاً وذلك لأن تقدير أجر الأرض يكون ما اتفق عليه من نقد وما

             ستؤول إليه من مباني وعلى هذا فللمقاول أن يستغل العمارة بأي وجه من وجوه الاستغلال المدة المتفق عليها ولا

             يكون صاحب الأرض مسؤولاً عن استئجار المبنى أو عدم استئجاره وليس له الحق إلا الأجر المتفق عليه طول المدة

             المتفق عليها . وإذا قيل هل يختلف الحكم إذا كان على الأرض مبنى قديم يطلب إزالته ثم إقامة المباني الجديدة .

الجواب : (لا) بل الحكم واحد سواء أكان على الأرض مبنى قديم أو كانت الأرض خالية .

المصدر : المستشار الشرعي لبيت التمويل الكويتي ، الشيخ بدر المتولي عبدالباسط .

 

الموضوع : عقد تأجير بأجرة يومية متزايدة

السؤال : هل يجوز عقد الإجارة بأجرة يومية متزايدة لكل يوم عن سابقه وذلك باتفاق بين المؤجر والمستأجر؟

الفتوى : إن هذه الإجارة صحيحة من الناحية الشرعية لأن الزيادة هنا في أصل التعاقد وليست ناشئة عن تأخير دفع ما استحق .

فالاتفاق على إعطاء الدائن زيادة عن المستحق دفعه إليه في حالة التأخير ممنوع شرعاً ، لأنها فائدة ربوية مقابل

الأجل .

المصدر : ندوة البركة السادسة فتوى رقم 14 .

 

الموضوع : الحكم الشرعي في صور مختلفة من الإيجار التمويلي والإيجار المنتهي بالتمليك .

السؤال : أرجو من سماحتكم التكرم ببيان الوجه الشرعي في حالة قيام البنك الإسلامي الأردني بشراء معدات/ آليات ، وتسجيلها باسمه ومن ثم يؤجرها للغير لمدة محدودة (4 سنوات مثلاً) ، يتم في خلال هذه المدة استهلاك هذه المعدات / الآليات ، مقابل أجرة سنوية محددة يتفق عليها بين البنك والمستأجر؟

بيان المسألة :

الحالة الأولى : قيام البنك بشراء معدات / آليات بمبلغ مليون دينار وتأجيرها لمدة (4) سنوات بأجرة إجمالية (2ر1) مليون دينار أي بمعدل (300) ألف دينار سنوياً ، على أساس أن تؤول ملكية هذه المعدات / الآليات إلى المستأجر في نهاية مدة الإيجار (4 سنوات) ، وذلك بسبب أن عملية فك ونقل وبيع قطع هذه المعدات / الآليات بعد فترة نهاية العقد قد يكلف أكثر من ثمن المبيع .

الحالة الثانية : هل يجوز الاتفاق منذ البداية على قيام المستأجر بشراء هذه المعدات / الآليات من البنك في نهاية أية سنة من سنوات عقد الإيجار وذلك حسب المثال التوضيحي التالي :

أ) قيمة المعدات / الآليات (مليون) دينار أردني مثلاً .

ب) قيمة الأجرة السنوية (300) ألف دينار أردني .

ج) 1- إذا أراد المستأجر أن يشتري المعدات / الآليات في نهاية السنة الأولى ، فإنه يدفع ما يلي :

          (300) ألف دينار أردني أجرة السنة الأولى .

          (750) ألف دينار أردني صافي قيمة المعدات / الآليات .

          1050000 المجموع (مليون وخمسون ألف دينار أردني) .

  2- إذا أراد المستأجر أن يشتري المعدات / الآليات في نهاية السنة الثانية فإنه يدفع ما يلي :

          (600) ألف دينار أردني أجرة السنتين .

          (500) ألف دينار أردني صافي قيمة المعدات / الآليات .

          1100000 المجموع (مليون ومائة ألف دينار أردني) .

   3- إذا أراد المستأجر أن يشتري المعدات / الآليات في نهاية السنة الثالثة ، فإنه يدفع ما يلي :

          (900) ألف دينار أردني أجرة الثلاث سنوات .

          (250) ألف دينار أردني صافي قيمة المعدات / الآليات .

          1150000 المجموع (مليون ومائة وخمسون ألف دينار أردني) .

 

الحالة الثالثة : - هل يجوز للبنك أن يقوم ببيع عقود الإيجار التي أبرمها مع مستأجر هذه المعدات / الآليات ، وذلك على اعتبار أن هذه العقود تمثل حقوقاً مالية للبنك؟

- أو أن يتم بيع هذه المعدات / الآليات المؤجرة إلى مشتر جديد ، على أن يلتزم هذا المشتري الجديد بالاستمرار في تنفيذ عقد الإيجار المبرم بين البنك والمستأجر؟

الجواب : قد أوضحتم السؤال بذكر ثلاث حالات :

 

الحالة الأولى : اشترى البنك معدات / آليات بمبلغ مليون دينار وأجرها للغير ، لمدة أربع سنوات ، بأجرة إجمالية ، قدرها مليون دينار ونصف مثلاً على أن تؤول ملكية هذه المعدات إلى المستأجر ، بنهاية مدة الإيجار ، بسبب أن عملية فك ونقل وبيع قطع هذه المعدات بعد فترة نهاية العقد، قد يتكلف أكثر من قيمة المبيع .

الحالة الثانية : هل يجوز الاتفاق منذ البداية على أن يشتري المستأجر تلك المعدات من البنك ، في نهاية أية سنة ، من سنوات عقد الإيجار ، حسب الأمثلة التوضيحية المشار إليها في الكتاب ؟

الحالة الثالثة : هل يجوز للبنك أن يبيع عقود الإيجار التي أبرمها مع مستأجر هذه المعدات ، وذلك على اعتبار أن هذه العقود تمثل حقوقاً مالية للبنك؟ أو / أن يتم بيع هذه المعدات إلى مشتر جديد على أن يلتزم هذا المشتري الجديد بالاستمرار في تنفيذ عقد الإيجار المبرم بين البنك والمستأجر ؟

قبل الجواب المحدد ، أضع بين يديكم بعض النصوص ،والقواعد الشرعية ، التي يمكن أن تهدينا إلى الجواب الواضح عن كل حالة من الحالات الثلاثة المذكورة .

1- أن الإجارة عقد يستلزم تمليك المنفعة ، دون الأعيان ، كما هو واضح من طبيعة العقد ، ومنصوص عليه في جميع المراجع الفقهية والشرعية .

2- عقد الإجارة ، من عقود المعاوضات ، ولذلك كان قابلاً لما يقبله البيع من الخيارات مثل خيار الشرط ، وخيار الرؤية ، ويجوز لأي من الفريقين منفرداً ، ولهما جميعاً اشتراط الخيار في إمضاء العقد أو فسخه) .

وقد جعل الخيار للتروي قبل الالتزام بالعقد ، وإذا مضت مدة الخيار دون أن يصدر ممن له حق الخيار ، ما يدل على فسخ أو إمضاء ، لزم العقد. وعليه فلا يترتب على العقد مدة الخيار إلا عدم لزومه ، بالنظر لمن شرطه لنفسه ، وإذا أمضى العقد كان عليه أجر المدة كلها ، وأن فسخ لم يلزمه إلا أجرة مدة انتفاعه ، إن انتفع .

3- بعض أئمة المذاهب كأبي حنيفة لا يجيزون أن تكون مدة الخيار أكثر من ثلاثة أيام ، وبعضهم يجيزها لنحو شهر، ولكن الإمام أحمد ,أبا يوسف ومحمد بن الحسن وابن المنذر ، وابن أبي ليلي وإسحاق وأبا ثور جوزوا أن تكون المدة ، حسب اتفاق الطرفين ، طالت أو قصرت بشرط أن تكون معلومة محدودة .

4- إذا أجر عيناً ثم باعها صح البيع ولو للمستأجر نفسه ، لأن العين في يده ، وهل تبطل الإجارة؟ فيه وجهان ، أحدهما أنها لا تبطل لأنه تملك المنفعة بعقد ، ثم ملك الرقبة بعد آخر فلم يتنافيا .

5- وقال الحنابلة ، ينتقل المالك في زمن خيار الشرط إلى المشتري ويخرج عن ملك البائع .

6- الجمع بين بيع وإجارة معاً ، جائز في أظهر قولي العلماء .

7- الشرط الواحد في البيع لا بأس به ، وإنما نهى عن الشرطين ، وظاهر كلام أحمد أن الشرطين المنهي عنهما ما كانا فاسدين، فأما أن ذكر شرط أو أكثر ، من مقتضى العقد ، أو مصلحته ، مثل أن يبيع الشيء بشرط الخيار والتأجيل ، والرهن والكفيل ، فهذا لا يؤثر في العقد وإن كثر.

8- تقسم الحقوق إلى شخصية ، أو عينية ، أو معنوية ، والحقوق العينية الأصلية تشمل الملكية والتصرف والانتفاع والاستعمال والسكني ، والسطحية (القرار) والحقوق المجردة ، والوقف ... إلخ ، والحقوق المعنوية هي التي ترد على أشياء غير مادية .

9- والمال هو كل عين أو حق له قيمة مادية في التعامل ، وكل شيء يمكن حيازته مادياً أو معنوياً والانتفاع به انتفاعاً شرعياً ، ولا يخرج عن التعامل بطبيعته ، أو بحكم القانون يصح أن يكون محلاً للحقوق المالية .

10- والبيع تمليك مال أو حق مالي لقاء عوض .

11- والأشياء الاستهلاكية ، هي ما لا يتحقق الانتفاع بخصائصها إلا باستهلاكها ، وأما الأشياء الاستعمالية فهي ما يتحقق الانتفاع باستعمالها مراراً مع بقاء عينها .

12- فرق الأشياء والأموال ، فالشيء قد يكون مالاً ، وقد يكون غير مال ، والشيء قد يكون مادياً وقد يكون معنوياً ، وقد كثرت الأشياء المعنوية وتمولها الناس ، وتعارف الناس ذلك تعارفاً لم يعد مجال للشك فيه ولا إنكاره ، وقد اعتبر القانون المدني الأردني كثيراً من الأشياء المعنوية أموالاً ، كالألحان والأسماء التجارية والعلامة التجارية .

13- إن الحيازة قد تكون مادية وقد تكون معنوية ، وأن القانون اعتبر أن الحيازة قد تكون بحيازة الشيء نفسه ، وقد تكون بحيازة أصله ، فمن حاز داراً حاز منفعتها تبعاً ، وهذا هو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة . ومع أن الحنفية لم يعتبروا المنافع أموالاً ، فقد استثنوا الموقوف ومال اليتيم ، والأعيان المعدة للاستغلال .

14- إن القانون المدني اتجه إلى الأخذ برأي الأئمة الثلاثة المذكورين من أن المنافع أموال ، ليعم الإصلاح جميع الناس ، ولم يرد في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المنفعة ليست مالاً ، ولهذا فقد اتسع التعريف فشمل الحق أن تعلق به مال ، كحق المستأجر في العين التي استأجرها ، وحق المرور ، وحق المسيل ، أما إذا تعلق الحق بغير مال كحق الحضانة فلا يعتبر مالاً بالإجماع .

وبعد ذكر هذه النصوص والقواعد ، ننتقل لمعالجة الحالات الثلاثة المذكورة ، أما الحالة الأولى ، بصورتها الموضحة فلا تجوز شرعاً ، لأن عقد الإجارة تمليك المنافع ، ولا يجوز أن ينتج عنه تمليك العين المؤجرة ، لاختلاف طبيعة العقدين ونتائجهما .

غير أن هذا لا يمنع البنك من أن يتفق مع الفريق الآخر على بيعه تلك الأعيان في نهاية مدة الإجارة (تحدد) بمبلغ معين يتفقان عليه .

أو أن يعد البنك الفريق الآخر بأن بيعه تلك المعدات . في نهاية مدة الإجارة المتفق عليها (تحدد أيضاً ) بمبلغ معين يتفق عليه الطرفان ويكون هذا من باب الوعد الملزم قضاءً ، حسبما سار عليه القانون المدني الأردني .

وأما الحالة الثانية بصورتها المذكورة فلا تجوز شرعاً ، لأنها تضمنت غرراً في العقد ، يمنع من صحته ، لعدم تعيين مدة العقد (الإجارة) بالتحديد وعدم تعيين بدء عقد البيع .

غير أن هذا لا يمنع من أن يتفق الطرفان على أن يكون للفريق الثاني حق الخيار في نهاية السنة الأولى مثلاً ، أو في نهاية السنة الثانية (تحدد مدة الخيار) على أن يلتزم هذا الفريق بأن يدفع القسط المستحق عن المدة ، التي انتفع بها فقط ، وإذا استعمل حقه في خيار الشرط ، انفسخ العقد حينئذ .

وأما الحالة الثالثة فقد تضمنت صورتين :

الأولى : أن يقوم البنك ببيع عقود الإيجار ، وذلك على اعتبار أن هذه العقود تمثل حقوقاً مالية للبنك .

ومعلوم أن العقد شرعاً هو ارتباط الإيجاب بالقبول ، وقد تم فعلاً ، والبنك في موضوعنا ، إنما يملك المعدات المؤجرة، ويستحق ما شرط له من أرباح وأقساط حسب الاتفاق ، ولا يملك حق الانتفاع بالمعدات ، مدة الإجارة، والذي يملك حق الانتفاع ، الذي يعتبر حقاً مالياً هو المستأجر ، وهو الذي يملك بيع ذلك الحق .

ولذلك لم يتضح لي في هذه الصورة ما هي الحقوق التي يريد البنك بيعها ؟ اللهم إذا كان المقصود بيع ما بقي له من أقساط ، وحقه في الربح ، وهذا لا يجوز بيعه متفاضلاً بحال ولو بأجل ، لأن ذلك يحقق معنى الربا المحرم قطعاً .

وأما الصورة الثانية ، فقد تضمنت أن يبيع البنك المعدات إلى مشتر آخر جديد ، على أن يلتزم هذا المشتري بالاستمرار في تنفيذ عقد الإيجار المبرم بين البنك والمستأجر .

وهذه الصورة ينطبق عليها ما ذكره في المغني وغيره ، من معتبرات الفقه ، من أنه إذا أجر عيناً ثم باعها صح البيع ولو للمستأجر نفسه ، لأن العين في يده ، ولا تبطل الإجارة ، لأن المنفعة تمتلك بعقد الإيجار ، والمعدات تملك بعقد البيع ، ولا تنافي بينهما ، على أن يكون معلوماً أن هذا البيع لا يؤثر مطلقاًُ على حقوق المستأجر التي حصل عليها بعقد الإجارة .

ولذلك فلا مانع شرعاً ، من العمل بما ورد في الصورة الثانية من الحالة الثالثة على الوجه المذكور .

وأرجو أن أكون قد توصلت نتيجة هذه الدراسة إلى بيان الوجه الشرعي ، في المسائل المطروحة في الكتاب المشار إليه ، والله أعلم بالصواب .

 

الموضوع : قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن الإيجار المنتهي بالتمليك

إن مجلس في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1-6جمادى الأولى 1409هـ 10-15ديسمبر 1988م ، بعد إطلاعه على البحوث المقدمة في موضوع الإيجار المنتهي بالتمليك واستماعه للمناقشات التي دارت حوله .وبعد الإطلاع على قرار المجمع رقم (1) في الدورة الثالثة بشأن الإجابة عن استفسارات البنك الإسلامي للتنمية فقرة (ب) بخصوص علميات الإيجار .

قرر

أولاً : الأولى الاكتفاء عن صور الإيجار المنتهي بالتمليك ببدائل أخرى منها البديلان التاليان :

الأول : البيع بالأقساط مع الحصول على الضمانات الكافية .

الثاني : عقد إجارة مع إعطاء المالك الخيار للمستأجر بعد الانتهاء من وفاء جميع الأقساط الإيجارية المستحقة خلال المدة في واحد من الأمور التالية :

                   -        مد مدة الإجارة .

                   -        إنهاء عقد الإجارة ورد العين المأجورة إلى صاحبها .

                   -        شراء العين المأجورة بسعر السوق عند انتهاء مدة الإجارة .

ثانياً : هناك صور مختلفة للإيجار المنتهي بالتمليك تقرر تأجيل النظر فيها إلى دورة قادمة بعد تقديم نماذج لعقودها وبيان ما يحيط بها من ملابسات وقيود بالتعاون مع المصرف الإسلامية لدراستها وإصدار القرار في شأنها .

المصدر : قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي .

 

السؤال : عين نلكها ووكلنا عليها شخصاً بأن يؤجرها والدفع سنوياً أو شهرياً وعرفنا حالة العين بحسابات دقيقة ومتعارف عليها دولياً كيف تكون وتؤول هذه العين وحالتها وهل يجوز لنا تقدير الثمن مسبقاً عند بدء عقد الإيجار ونقول له نبيع عليك هذه العين عند انتهاء مدة العقد بقيمة كذا وهو يقول اشتريت وتكون هذه العين من الأعيان التي يمكن معرفة حالتها بدون غرر أو جهالة كباخرة لها صيانة أو سيارة؟

الجواب : الرأي الشرعي في التأجير المنتهي بالتمليك : هناك ملاحظة عن البند الرابع من الصفحة الأخيرة (الخطوات التفصيلية) للتأجير حيث تضمن إعطاء البنك للمستأجر الحق الكامل في التصرف بالعين المؤجرة وهذا لا يكون إلا لمالك العين والمستأجر إنما هو مالك للمنفعة وتصرفه محدد ، بالانتفاع ونحوه مما يتوقف عليه ، أما التصرف في العين فيخوله التصرفات الناقلة للملكية كالبيع والهبة ، أو المقيدة لها كالرهن وهنا تناقض بين مقتضى عقدين مختلفين .

لذا ينبغي حذفه ، أو توضيح المراد بالتصرف بأن يكون تصرفاً يمكنه من الانتفاع أو الدفاع عن العين أن احتاج لذلك ويجب إحضار العقود لإعطاء الرأي النهائي ولمراجعة صياغتها من الناحية الشرعية ويجب أن ينص على أن يكون الأصل الذي يرجع إليه عند الاختلاف بين النصين العربي والإنجليزي هو النص العربي .

المصدر : فتاوى بيت التمويل الكويتي – الجزء الثاني فتوى رقم 192 .

 

السؤال : هل يجوز شرعاً أن يؤجر بيت التمويل الكويتي سيارات لإحدى الشركات لمدة معينة على أن تؤول نصف ملكية هذه السيارات بعد نهاية مدة الإجارة للشركة المستأجرة ... ؟

الجواب : السؤال في شقه الأول جائز شرعاً وهو إجارة السيارات للشركة . أما الشق الثاني من السؤال وهو أيلولة نصف ملكية السيارات للشركة المستأجرة بعد نهاية مدة الإجارة فتنطبق عليه أحكام الوعد بالشراء المعمول به ببيت  

           التمويل فلا بد من اتفاق جديد في حينه على بيع السيارات المراد بيعها وإلا كان من بيعتين في بيعة .

 

الموضوع : تنازل المستأجر عن المنفعة قبل انقضاء مدة الإيجار

السؤال : يحدث أحياناً أن يحضر أحد المستأجرين لتسليم العين المؤجرة إلينا وذلك خلال الشهر الذي دفع إيجاره مقدماً فهل يجوز لنا تأجير هذه العين مرة أخرى قبل انتهاء الشهر ؟

الجواب : الجواب في تفصيل :

1- إذا قدمها المؤجر لعذر قاهر يرد باقي الأجرة إليه لأنه فسخ بعذر شرعي حيث أن الإجارة تفسخ شرعاً بالأعذار الطارئة.

2- إذا قدمها لرغبة له بترك العين المؤجرة فإذا وافق البيت على الفسخ ترد عليه باقي الأجرة لأنه فسخ اتفاقي كالإقالة .

أما إذا أخبر بأن الشقة ستبقى باسمه إلى نهاية المدة ولا تؤجر لغيره فلا يرد عليه الباقي وتكون تحت تصرف المستأجر لغاية المدة المحدودة .

المصدر : فتاوى بيت التمويل الكويتي ، الجزء الثاني ، فتوى رقم 198 .

 

الموضوع : السمسرة في الإيجار التمويلي

السؤال : يعرض عليها بعض الأشخاص إحضار مستأجرين للأعيان الخالية لدينا ويشترطون أخذ جزء من إيجار لشهر واحد في حالة توقيعنا للعقد مع المستأجر فهل هذا جائز ....؟

الجواب : جائز شرعاً لأنه يعتبر أجر (سمسرة) وهو إعطاء شيء لمن يحضر زبوناً أو عملاء .

المصدر : فتاوى بيت التمويل الكويتي ، الجزء الثاني ، فتوى رقم 197 .

 

قرارات مجمع الفقه الهندي

عقد الملتقى الفقهي الأول في 1-3/أبريل 1989م في همدركنونشن هال بالهند معهد الدراسات الموضوعية دلهي الهند  نوقشت في هذا الملتقى الأول ثلاثة من قضايا فقهية معاصرة ومن ضمنها 1- بدل الخلو .

جاءت القرارات التالية عن هذه القضية :

1- المبلغ الذي يأخذه صاحب الدار عن المستأجر مسبقاً ، فالأحسن أن يحتفظ به  ولا ينفقه ، فإذا أنفقه صاحب الدار فإنه يضمن رده إلى المستأجر فور انتهاء مدة الاستئجار .

3- إذا تم استئجار دار أو دكان ، حصل صاحب الدار على مبلغ محدد من المستأجر حالياً باسم بدل الخلو إضافة الأجرة المحددة شهرياً ، فهذا يعتبر أن صاحب الدار قد حصل على التعويض الذي نزل به عن حقه في الاسترداد من المستأجر وبالتالي يجوز لصاحب الدار هذا المبلغ على أنه اعتياض عن حقه في الاسترداد من المستأجر ، ثم إن صاحب الدار إذا أراد أن يسترد الدار من المستأجر فإن المستأجر يحق له أن يطالب بمبلغ من المال للإخلاء المبلغ الذي يتم تحديده تراضياً ، وكذلك يحق للمستأجر آخر بمبلغ من المال الذي يتم تحديده بالتراضي .

4- إذا أجار صاحب الدار داره ولم يأخذ بدل الخلو ولم يتم تحديد مدة الاستئجار ، فإن صاحب الدار يحق له أن يطالب بالإخلاء أي وقت شاء إلا أن صاحب الدار ينبغي له أن يفصل بين الإعلامية للإخلاء وتاريخ الإخلاء المحدد طبقاً للظروف المحلية ، حيث لا يتضرر أحد من صاحب الدار والمستأجر ، كما ينبغي للمستأجر يخليها في مناسبة لاحقة .

5- إذا كان استئجار دار أو مكان تم بدون بدل الخلو ، فإن المستأجر لا يجوز له أن يطالب بدل الخلو من صاحب الدار وقت الإخلاء .

6- إن المتلقي يناشد المسلمين أن يزاولوا معاملاتهم المختلفة طبقاً للشريعة فإن الشريعة تقتضى أن يتفق الفريقان في تحديد الأمور اتفاقاً صريحاً لا يؤدي إلى أي نوع من النزاع فيما بعد ، ويسلم الفريقان من أي ضرر يلحق بهما ، كما أن الملتقى يناشدهم بالأخص أن يحددوا مدة الاستئجار، وكذلك إذا أراد صاحب الدار أن ينزل عن حقه بتعويض من المال ، لا بد أن يتفقا على ذلك صريحاً حتى لا يحدث أي نزاع فيما بعد .

 

السؤال : تلقى البنك موعداً من شركة كهرباء بأن تستأجر معدات بعد أن يقوم البنك بتجهيزها بعقد استصناع بينه وبين الشركة المصنعة ، وبعد شروع الشركة المصنعة بالتجهيز عدلت شركة الكهرباء عن وعدها بالاستئجار لظروف طارئة ، فكيف تتم معالجة هذه الحالة ؟

الجواب : في هذه الحالة يسعى البنك للتوقف عن مواصلة الاستصناع بالتفاوض مع الشركة المصنعة لتحديد آثار فسخ الاستصناع والتعويضات المطلوبة لها ، وتمثل تلك التعويضات التي تحملها البنك الأضرار الفعلية الناتجة عن النكول عن الوعد بالاستئجار فيحملها لشركة الكهرباء ولول لم تتضمنها صيغة الوعد ، لأنها لازمة بمقتضى الحكم الشرعي وليس بالشرط .

المصدر :  بنك المؤسسة العربية المصرفية الإسلامي .

 

السؤال : في حالة وجود قوانين تمنع المواطنين ( من أفراد أو مؤسسات) من تملك العقارات وتسجيلها ، هل يمكن تسجيلها باسم المستأجر المواطن أو باسم مؤسسة وطنية شريطة للبنك تسجيلاً صورياً ، بالرغم من أن الملكية الحقيقية للبنك ، أو له مع شركائه ؟

الجواب : إذا تعذر تسجيل العقار باسم البنك المؤجر فلا مانع من تسجيله صورياً باسم المستأجر ، أو باسم أحد شركاء البنك المسموح التسجيل باسمهم ، مع أخذ سند ضد بأن العقار مملوك ملكاً خالصاً للبنك ، أو له مع شركائه ، وينبغي الرجوع إلى الخبراء القانونيين للتعرف إلى أثر سند الضد قضاءً . يومكن (حسب اقتراح الإدارة) إنشاء شركة وطنية لهذا الغرض لتسجيل العقار باسمها مع تنازل تلك الشركة عن الإدارة لصالح البنك ، شريطة أن يكون ذلك مقبولاً قانوناً ومفيداً قضاءً .

المصدر : بنك المؤسسة العربية المصرفية الإسلامي .

 

السؤال : يرغب بعض المستأجرين أن تكون الأجرة متغيرة تبعاً لفترات دورية (كل ستة أشهر مثلاً) ، بالرغم من استمرار العقد لمدة طويلة، وذلك بالربط بمؤشر معلوم ، مثل الربط بمؤشر اللايبور ، فما حكم ذلك؟

الجواب : يجب أن تربط دفعات الأجرة بتسليم المعدات للعميل (المستأجر) وتمكينه من الانتفاع بها ، وليس بعد مضي مدة من تنفيذ الوكالة ، لأن الأجرة مقابل المنفعة فلا تستحق إلا بوجود المنفعة .

المصدر : بنك المؤسسة العربية المصرفية الإسلامي .

 

السؤال : هل يمكن إعادة جدولة أقساط الأجرة؟

الجواب : يجوز شرعاً جدولة أقساط الأجرة عن الفترات المتعلقة بالمستقبل ، أي المدة التي لم تستوف منفعتها وتصبح ديناً على المستأجر ، وتعتبر الجدولة تعديلاً للعقد ، أما الأجرة عن المدد التي استخدمت فيها العين فلا تصح جدولتها مع الزيادة ، لأنها أصبحت ديناً في الذمة فزيادته ربا محرم . أما الجدولة عن المدد السابقة بمنح مهلة دون زيادة فهي جائزة شرعاً إذا رغب البنك في إمهال العميل ، وذلك من قبيل حسن التقاضي .

المصدر : بنك المؤسسة العربية المصرفية الإسلامي .

 

السؤال : بما أنه لا يجوز تحميل المستأجر تكلفة التأمين على العين المؤجرة فهل يمكن ضمن تلك التكلفة إلى مكونات الأجرة ، وتكليف المستأجر بالقيام بالتأمين ؟

الجواب : لا مانع من مراعاة تكلفة التأمين ضمن الأجرة المتفق عليها ، كما أنه لا مانع من توكيل المستأجر بالقيام بإجراءات التأمين على أن يكون على حساب المؤجر ولصالحه . وفي حكم التأمين جميع الضرائب أو المصروفات التي تنشأ عن الملكية ، إذ يتحملها المالك وهو المؤجر ، ويمكن مراعاة ذلك عند الاتفاق على تحديد الأجرة .

المصدر : بنك المؤسسة العربية المصرفية الإسلامي .

 

السؤال : من المتبع في حالة تلقي رغبة عميل باستئجار عين يمتلكها البنك أن يحمل العميل تكلفة تجهيز العين المؤجرة ، وذلك بسام (عمولة تجهيز) فما حكم ذلك؟

الجواب : لا يجوز شرعاً أخذ البنك عمولة عن تجهيز العين المؤجرة ، لأن ذلك العمل مما يجب عليه لجعل المنفعة تحت تصرف المستأجر ، ولكن بإمكان البنك إدراج كلفة التجهيز ضمن الأجرة المتفق عليها .

المصدر : بنك المؤسسة العربية المصرفية الإسلامي .

 

السؤال : بما أنه لا يجوز إشتراط تحمل المستأجر للصيانة الأساسية فقد تم الاتفاق على تخصيص مبلغ يوضع تحت تصرفه شريطة تعهده بعدم تجاوز ذلك المبلغ ، فما حكم ذلك؟

الجواب :  لا مانع من توكيل المستأجر بالقيام بالصيانة من مبلغ يوضع تحت تصرفه لذلك الغرض ، ولا مانع من الحصول على تعهد منه بعدم مجاوزة هذا السقف ، بحيث إذا جاوز السقف ودفع الزيادة ولم يطالب بها فهي تبرع منه ، وإن طالب بها فعلى البنك أن يدفعها له بعد التأكد من وجود ما يستدعي ذلك التجاوز ، وإذا وجد فائض من المبلغ فإنه يكون للبنك ، ويمكن اعتباره رصيداً للفترات اللاحقة ، ما لم يتنازل البنك عنه للمستأجر . ولا مانع من تحديد الأجرة بمبلغين : أجرة أصلية يأخذها المؤجر ، وأجرة إضافية تترك لدى المستأجر لغرض الصيانة والتأمين ونحوهما مما يلزم المؤجر .

المصدر : بنك المؤسسة العربية المصرفية الإسلامي .

 

السؤال : أبرم البنك عقد إجارة لمجمع سكني وتضمنت الشروط اشتراط البراءة من عيوب الوحدات السكنية المؤجرة ووافق المستأجرون على ذلك ، فهل يتحملون تكلفة الصيانة الأساسية لها ويبرأ البنك من هذه المسئولية ؟

الجواب : لا يجوز شرعاً اشتراط البراءة في عقد الإجارة من عيوب العين المؤجرة ، لأن على المؤجر التزاماً ببقاء المنفعة صالحة ، وإنما يستحق المؤجر الأجرة بمقتضى تمكن المستأجر من الانتفاع بها . وهذا بخلاف عقد البيع فإنه يصح فيه اشتراط البراءة من عيوب المبيع ، لأن التملك في عقد البيع يقع على العين وتأتي (المنفعة ضمناً وتبعاً) وقد لا توجد أصلاً .

المصدر : بنك المؤسسة العربية المصرفية الإسلامي .

 

السؤال : أبرم البنك عقد إجارة تمت الإشارة فيه إلى حالات فسخ تضمنت صوراً كثيرة مع إيجاب دفع مبلغ عن الفسخ لمعالجة الضرر الفعلي حتى لو كان الفسخ بطلب المؤجر ، فما حكم ذلك شرعاً؟

الجواب : إذا كان الفسخ بطلب المؤجر فلا يجوز إلزام المستأجر بالتعويض عن ذلك ولو في حدود الضرر الفعلي ، إلا إذا كان بسبب مخالفة المستأجر لشروط العقد والكيفية المتفق عليها لاستعمال العين المؤجرة فيحق للمؤجر حينئذ الفسخ مع الحصول على تعويض بمقدار الضرر الفعلي ، أما إذا كان الفسخ بطلب المستأجر فلا مانع من الحصول على تعويض بمقدار الضرر الفعلي أيضاً .

المصدر : بنك المؤسسة العربية المصرفية الإسلامي .

 

السؤال : هل يجوز أن يشتري البنك مبنى بناء على طلب واعد بالشراء بالمرابحة ، علماً بأن المشتري بالمرابحة لذلك المبنى سيؤجر ذلك المبنى إلى بنك ربوي ، وسيعين المشتري البنك الإسلامي وكيلاً في قبض الأجرة لاستيفاء أقساط المرابحة منها؟

الجواب : لا يجوز أن يكون البنك الإسلامي وكيلاً في قبض أجرة المبنى المؤجر من العميل إلى بنك ربوي ، لأن الوكالة تأخذ حكم العمل الموكل به ، وما دام العمل هنا هو القبض للمقابل عن التأجير إلى بنك ربوي وهو أمر محرم فيكون القبض أيضاً محرماً ولو بالوكالة .

المصدر : بنك المؤسسة العربية المصرفية الإسلامي .

السؤال : سبق أن عرض على الهيئة الموقرة استفسار بشأن شراء مبنى لبيعه بالمرابحة إلى عميل سيقوم بتأجيره إلى بنك ربوي ويوكلنا بقبض الأجرة استيفاء أقساط المرابحة ، ولم تجز الهيئة ذلك التوكيل والآن نعرض طريقة أخرى ، وهي أن يفتح العميل حساباً لدينا بحيث نقتطع أقساط المرابحة ثم نودع الباقي من أقساط التأجير في حساب العميل ، وبذلك لا نكون وكلاء عنه فيقبض الأجرة عن التأجير لبنك ربوي ، فما حكم ذلك؟

الجواب : لا مانع من شراء بمنى وبيعه بالمرابحة إلى عميل ولو كان ذلك العميل سيؤجره إلى بنك ربوي ويدفع أقساط المرابحة من تلك الأجرة على أن يفتح حساباً عاماً ليس خاصاً بأقساط الأجرة ، وتودع الأجرة كاملة فيه ثم يدفع العميل أقساط المرابحة مباشرة إلى البنك الإسلامي ، لأنه بذلك تختلط الأموال وتتبدل الأيدي ، وتبدل اليد كتبدل سبب الملك حسب القاعدة الفقهية .

المصدر : بنك المؤسسة العربية المصرفية الإسلامي .

 

السؤال : هل يمكن لجهة ما محتاجة إلى توفير سيولة نقدية أن تبيع بعض الأصول المملوكة لها (مبنى مثلاً) ثم تستأجره إيجاراً منتهياً بالتمليك ، وبذلك تستخدم ثمن البيع في أنشطتها الاستثمارية؟

الجواب : لا مانع من الدخول في عملية تأجير ينتهي بالتمليك يكون موضوعها مبنى يبيعه مالكه لطرف آخر ثم يستأجره إيجاراً منتهياً بالتمليك شريطة مرور فترة تأجير لا تقل عن سنة بين بيعه المبنى ثم تملكه له بموجب الوعد بالتمليك ، تجنباً لشبهة بيع العينة ، لأن تخلل الفترة المشار إليها تحصل بها حوالة الأسواق التي تنتفي بها العينة كما قرر الفقهاء .

المصدر : بنك المؤسسة العربية المصرفية الإسلامي .

 

السؤال : هل يمكن إصدار وعدين بالتمليك للمستأجر في التأجير المنتهي بالتمليك ، مثلاً ، عقد تأجير لمدة عشر سنوات يكون التمليك بعد 5 سنوات بالقيمة المتبقية ، وفي آخر المدة بثمن رمزي .

الجواب : لا مانع من إعطاء المستأجر عدة وعود بتمليك العين المؤجرة ، على أن يكون الوعد محدد المدة ومحدد كيفية حساب مقابل التمليك : بحسب القيمة المتبقية في العين ، أو بثمن رمزي ، أو بثمن حقيقي ، أو بمبلغ مقطوع يتفق عليه مسبقاً . على أن يجري التمليك لاحقاً بعقد بيع في حينه أو بعقد هبة .

المصدر : بنك المؤسسة العربية المصرفية الإسلامي .

 

السؤال : كثيراً ما يطلب المؤجر من المستأجر ، في اتفاقيات الإجارة الواردة على الآلات ، شراء الآلات محل الإجارة في تاريخ محدد في المستقبل ، بحيث ينصرف ثمن البيع عند تملك المستأجر للآلات إلى القيمة المتبقية دون أن تكون هذه القيمة محددة في يوم الإجارة ، إذ يكفي فيها أن تكون قابلة للتحديد تأسيساً على معيار جوهرة الفرق بين العائد الذي يستهدفه المؤجر ومجموع ما تسلمه من أقساط إيجار؟

الجواب :  لا مانع من الاتفاق على تمليك العين المؤجرة للمستأجر قبل انتهاء مدة التأجير ما دام التراضي على الثمن قد وقع بين الطرفين وذلك أياً كانت المكونات الحسابية التي سمحت بالوصول لمثل هذا الثمن ، كالاستئناس بمؤشرات الفائدة السائدة في الأسواق المالية العالمية لانعدام غيرها من المؤشرات الأخرى . ويستأنس لذلك بالفتوى الصادرة عن الحلقة العلمية الثانية للقضايا المصرفية المعاصرة المنعقدة في جدة في الفترة ما بين 1و2 مارس 1993م والتي مفادها أنه (إذا رغب المستأجر في الإيجار المنتهي بالتمليك بتعجيل التملك لمحل الإجارة بالشراء قبل انتهاء مدتها فإن العبرة بالثمن الذي يتم الاتفاق عليه بين الطرفين ، سواء كان بمقدار ما بقي من أقساط الإيجار ، أو بأقل أو بأكثر ، لأن العبرة بحصول التراضي على الثمن في عقد البيع .

المصدر : بنك المؤسسة العربية المصرفية الإسلامي .

 

السؤال : ترغب شركة بترول في الحصول على سفينتين وذلك عن طريق التأجير المنتهي بالتمليك بعد شراء البنك لهما بعقد استصناع ، وبما أن البنك ليست لديه الإمكانية للشراء مباشرة فإنه سيوكل الشركة بشراء السفينتين لصالح البنك ، فما حكم ذلك ؟

الجواب : لا مانع شرعاً من توكيل العميل (شركة البترول المشار إليها في السؤال) بعملية استصناع السفينتين لصالح البنك ما دام ذلك عسيراً على البن ك- وقيام البنك بشراء مباشرة هو الأولى - على أن يتم تسجيلهما باسم البنك ثم يقوم البنك بتأجيرهما تأجيراً منتهياً بالتمليك بعد اكتمال الصنع والتمكن من التسليم (القبض الحكمي) . ويبدأ سريان عقد الإجارة بعد تسليم السفينتين إلى الشركة المستأجرة مع مراعاة الأحكام الشرعية للإجارة طيلة سريانها إلى أن يتم التمليك ، مثل تحمل المالك (المؤجر) تكلفة التأمين والصيانة الأساسية وغيرهما مما يترتب على المالك.

المصدر : بنك المؤسسة العربية المصرفية الإسلامي .

 

 السؤال : ما الحكم لو أن العين المؤجرة إيجاراً منتهياً بالتمليك قد تلفت بدون تسبب من المستأجر وتعذر تمليكها له؟

الجواب : في حالة تلف العين المؤجرة إيجاراً منتهياً بالتمليك بدون تسبب من المستأجر وتعذر تمليكها له بالغرم من وفائه بالتزاماته يعاد النظر في أقساط فإجارة السابقة بمراعاة أجرة المثل وتسوية الحساب بين الطرفين . وقد نص على ذلك معيار الإجارة والإجارة المنتهية بالتمليك الصادر عن جلس المعايير بهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية ، والمعتمد من لجنتها الشرعية ، وهو مأخوذ من مبدأ وضع الحوائج المقرر في الفقه تطبيقاً للحديث الوارد بشأنه .

المصدر : بنك المؤسسة العربية المصرفية الإسلامي .

 

السؤال : تلقينا وعداً من عميل بأن يستأجر أعياناً بعد أن يتملكها البنك ، وبعد قيامنا ببعض الإجراءات ودفع مصروفات عدل عن تنفيذ وعده، فهل يمكننا تحميله تلك المصروفات؟

الجواب : إذا لم يتم تنفيذ العملية التي سبق الوعد من العميل بالدخول فيها فهناك تفصيل بشأن المصروفات التي دفعها البنك في التحضير للعملية .

فإن كان عدم تمام التنفيذ بسبب إخلال العميل بالوعد ، أو إخلاله بالشروط المتفق عليها فيحق للبنك تحميله المصروفات الفعلية التي أنفقها . أما إن كان عدم التنفيذ بسبب خارجي أو بسبب ناشئ من البنك فلا يجوز تحميل العميل تلك المصروفات .

المصدر : بنك المؤسسة العربية المصرفية الإسلامي .

السؤال : تمر فترة ما بين تملك البنك أعيان الإجارة وبين إبرام عقد الإجارة مع العميل ، ويدفع البنك أموالاً لها تكلفة عن الفترة المتخللة بين التملك والتأجير والتي تسمى (فجوة التمويل) فهل يحق للبنك تحصيل مقابل عنها بمعدل العائد عن التأجير نفسه؟

الجواب : لا يجوز تحميل العميل الواعد بالاستئجار ما يسمى تكلفة التمويل أو فجوة التمويل لتغطية الفترة ما بين التملك وسريان عقد الإجارة ، لأن البنك يتملك لنفسه ، والالتزام على المستأجر يبدأ من بداية سريان عقد الإجارة المتزامن مع تسليم أعيان الإجارة وتمكينه من الانتفاع بها , وهذه الفجوة التمويلية يتحملها البنك ، لكنه يجوز له مراعاتها ضمناً في الأجرة التي يتفق عليها الطرفان ، أما تحميلها للعميل مباشرة فلا وجه له شرعاً ولو كان هناك شرط بذلك .

المصدر : بنك المؤسسة العربية المصرفية الإسلامي .

 

السؤال : يعتزم البنك إصدار صكوك إجارة لأصول حكومية خدمية ، فما هي المتطلبات الشرعية لذلك؟

الجواب : بعد التداول انتهت الهيئة إلى مشروعية إصدار صكوك إجارة في أصول حكومية خدمية مراعاة ما يأتي :

1) تبيع الحكومة مجموعة من الأصول الخدمية المملوكة لها كالمدارس أو المباني الحكومية إلى البنوك من خلال تكوين محفظة صكوك تطرح إلى المستثمرين .

2) تستأجر الحكومة تلك الأصول من المحفظة لمدة محدودة (خمس سنوات مثلاً) .

3) تقدم الحكومة وعداً للمستثمرين بشراء تلك الأصول بعد تلك المدة بالسعر الذي تم البيع به .

4) يتم تحديد الأجرة بسعر الليبور زائداً هامش ربح محدد ، وتدفع الحكومة الأجرة كل ستة أشهر مقدماً ، ويتم تحديد أجرة الأشهر الستة الأولى بمبلغ مقطوع (بالرجوع إلى الليبور) ويوضع في العقد نص بأن تحديد أجرة الفترات اللاحقة يتم بالرجوع إلى الليبور في بداية كل منها مع إضافة هامش ربح يتم تحديده في العقد ، كما يوضع لليبور حد أعلى وحد أدنى لتخفيف الجهالة وعدم إلحاق الضرر بأحد الطرفين وتمثل الأجرة العائد المستهدف دون شمولها لجزء من تكلفة الأصل ، إذ إن الأجرة تمثل ربح الصكوك .

5) عند تملك الحكومة للأعيان المؤجرة تشتريها من المحفظة بالعسر الذي تم بيعها به  وبذلك يسترد حملة الصكوك أصل مساهماتهم ويتم إطفاء الصكوك .

6) هذه الصكوك قابلة للتداول الحر في السوق الثانوية لأنها تمثل أصولاًَ عينية ومنافع مع الاستعانة بالتقويم لأصول الصكوك من جهة خبرة محايدة أو من إدارة المحفظة من خلال ضوابط فنية معلنة ، ويمكن أن تكون المحفظة متعهدة بالشراء (الاسترداد) حسب التقويم (صافي قيمة الأصول) كما يمكن صور التعهد بالشراء من جهة أخرى بالقيمة الاسمية (ضمان الطرف الثالث) .

7) يقتطع من عائد التأجير قبل توزيعه مصاريف الصيانة الأساسية (وهي كل ما يحافظ على الانتفاع بالعين المؤجرة) والتأمين مع مراعاة ذلك في تكوين الأجرة . ويمكن إبرام عقود مع جهات صيانة وشركات تأمين لتثبيت التكاليف المتعلقة بهما .

8) بما أن إيراد الصكوك يحصل من الأجرة المحددة مسبقاً فإن الربح المتوقع للصكوك يكون قريباً من الربح الفعلي .

9) تحتاج هذه العملية إلى عقود ونماذج ونشرة اكتتاب ونموذج صك يتم اعدادها في وقتها .

ويتميز تطبيق هذا المنتج بما يأتي :

أ) إن الأصول الحكومية الخدمية لا تثور فيها مشكلات شرعية من حيث طبيعة الموجودات ، إذ ليس هناك قروض تخص تلك المباني ، ولا يتصور فيها مشكلة إيداع السيولة بفائدة في البنوك التقليدية لمراعاة النسب المحددة في بعض الفتاوى الشرعية لكل من القروض والفوائد لإمكانية الإسهام من المستثمرين الملتزمين بأحكام الشريعة . كما لا تثور هنا مشكلة الديون على الغير التي إذا زادت نسبتها على الأعيان والمنافع امتنع تداول الصكوك شرعاً إلا بمراعاة أحكام الديون بأن يكون بيع الدين بمثله ، وهذا يحول دون التداول الحر في السوق الثانوية .

ب) إن تمثيل الصكوك للمباني الحكومية الخدمية من خلال تأجيرها للمحفظة والوعد بشرائها فيه طمأنينة لحامل الصك بأنه سيسترد قيمة الصك لأن الحكومة لا غنى لها عن إعادة التملك ، بخلاف تطبيق الصكوك على مصانع أو شركات من القطاع المختلط (العام والخاص) إذ قد يتخلف التملك بالنكول عن الوعد إذا كان استمرار قيام المصانع والشركات غير مجد فيلجأ بقية الملاك (غير الحكومة) إلى التصفية مما يلحق ضرراً بحملة الصكوك إذا لم تبق موجودات تفي بالقيمة الأصلية للصكوك .

ج) إن تطبيق الصكوك التأجيرية على المصانع أو الشركات المنتجة يستلزم بيع أصولها إلى المحفظة وهذا يضعف قوتها المالية لخروج هذه الأصول من قوائمها المالية وبالتالي يؤثر على قدرتها على الحصول على تمويلات حيث يتوقف ذلك على وجود أصول في حيازة الشركة أو المصنع لحفظ حقوق الممولين كما يحول دون رغبة المصانع أو الشركات في التوسع .

هذا ، وإن آلية تطبيق صكوك الإجارة تشمل أيضاً الأصول المنتجة (ذات الدخل) ولو ترتب على ذلك فقدان المزايا المشار إليها أعلاه أو بعضها.

المصدر : بنك المؤسسة العربية المصرفية الإسلامي .

 

السؤال : تقدم أحد عملاء المصرف بالسؤال الآتي : ما هي الأسس التي تم الاستناد عليها للموافقة على صفقة تأجير طائرات لشركات طيران لا تلتزم بالتوجيهات الشرعية في تقديم خدماتها ، سواء بالنسبة لتقديم المشروبات الكحولية وبعض الأطعمة التي تحتوي على الخنزير ، أو بالنسبة لزي المضيفات غير الشرعي؟

الجواب : الإجارة عقد من العقود الجائزة ومستند القول بجوازها قوله تعالى (فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن) ولقوله تعالى حكاية عن إبنتي شعيب (قالت إحداهما يا أبت إستأجره إن خير من إستأجرت القوي الأمين) ولقوله صلى الله عليه وسلم (أعطوا الأجير أجرة قبل أن يجف - عرقه) ولما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم إحتجم وأعطى الحجام أجرته) وإجابة على السؤال فلا يظهر لنا مانع من إجارة الإجارة ولو كانت مشوبة بما ذكره السائل لأن الغرض من الإجارة إستيفاء منفعة مباحة ، وما ذكره السائل من الإشكال في التأجير فهو شيء جانبي وغير لازم في إستيفاء المنفعة موضوع الإجارة ، كما أن تبعة التجاوز في إستعمال المنفعة تقع على المستأجر نفسه .

وقد كان المسلمون في عصورهم السالفة يؤجرون ممتلكاتهم الثابتة والمنقولة ليغر المسلمين ولم يكن ذلك محل إعتراض أو إنكار من أهل العلم مع احتمال أن يقوم المستأجر فيها بما لا يحل شرعاً ، وترى الهيئة الكتابة للشركة المستأجرة وحثها على الابتعاد عن تقديم المحرمات من أكل أو شرب وذلك على سبيل الاحتياط وإستبراء الذمة .

المصدر : الروضة الندية في الفتاوى الشرعية ، مصرف فيصل البحرين .

 

السؤال : هل يجوز للمصرف بيع أو شراء عين مؤجرة لشخص ما أثناء مدة الإجارة؟

الجواب : لا مانع من ذلك شرعاً مع ملاحظة أن للمستأجر حق إستيفاء المنفعة في المدة الباقية لعقد الإجارة وتكون الأجرة للمؤجر حتى انتهاء مدة الإجارة إلا أن يشترطها المشتري قياساً على بيع النخيل بعد تأبيرها فثمرتها للبائع إلا أن يشترطها المبتاع وقياساً على بيع العبد وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع لقوله صلى الله عليه وسلم (من باع عبداً وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع) ولقوله صلى الله عليه وسلم (من باع نخلاً مؤبراً فثمرتها للبائع إلا يشترطها المبتاع)

المصدر : الروضة الندية في الفتاوى الشرعية ، مصرف فيصل البحرين .

 

السؤال : ما حكم إضافة نسبة معينة إلى مبلغ الإجارة عند التقويم الدوري (كل ستة أشهر مثلاً) على أن يكون التقويم والزيادة مرتبطين بقائمة الأسعار الخاصة بالمصرف؟

الجواب :  إن من شروط الإجارة أن تكون الأجرة معلومة والمدة معلومة والعين معلومة وباستعراض ما ذكره أهل العلم من جواز البيع بما ينعقد به السعر ، فقد ظهر إمكان دخول المصرف مع المستأجر في إتفاق على عقد إجارة جديدة لمدة معلومة بعد انتهاء مدة الإجارة للعقد الأول المعلمة أجرته ومدته ، على أن تكون : إما بطريق التقويم الدوري حسب قوائم الأسعار عند التقويم سواء زادت الأجرة أم نقصت أو بأن يتفق الطرفان على زيادة نسبة مئوية من الأجرة المحددة لتضاف إليها كأجرة للمدة الثانية على اعتباره عقداً جديداً .

المصدر : الروضة الندية في الفتاوى الشرعية ، مصرف فيصل البحرين .

 

السؤال : يرغب المصرف في شراء طائرة من إحدى شركات الطيران العالمية وتأجيرها للشرك نفسها أو لغيرها ، والمصرف يسأل عن مدى إمكانية طرح مضاربة خاصة لهذه المعاملة على المستثمرين ، وعن إمكانية إصدار صكوك لهذه المضاربة يمكن تداولها في السوق ؟

الجواب : لا مانع من أن يشتري المصرف الأعيان ثم يؤجرها للبائع نفسه أو لغيره بشرط أن تكون الملكية مستقرة للمصرف ، ويمكن طرح مضاربة خاصة للحصول على المبالغ اللازمة للشراء وإصدار صكوك لهذه المضاربة يمكن تداولها في السوق وذلك بعد تحول هذه الصكوك إلى صكوك بملكية حصة شائعة في هذه العين سواء أكانت طائرة أو غيرها . كما يحق لحامل هذا الصك بيعه للمصرف بعد انتهاء الفترة المحددة من قبل المصرف وبسعر يومه ، ولا بأس أن تختلف قيمة الشراء عن قيمة البيع تبعاً لاختلاف سعر السوق يوم البيع أو الشراء .

المصدر : الروضة الندية في الفتاوى الشرعية ، مصرف فيصل البحرين .

 

السؤال : هل يمكن أن يستأجر المصرف عدداً من حافلات نقل الحجاج أو غيرها من الأعيان ومن ثم يؤجرها إلى طرف ثالث ؟

الجواب : لا مانع من ذلك شرعاً بشرط موافقة المالك المؤجر لتلك الحافلات ورضاه بقيام المصرف بتأجيرها ما إستأجره منه حيث إن الإجارة نوع من أنواع البيوع والإجارة بيع منفعة وقد ملكها المستأجر بعقد الإجارة فجاز له بيعها على سبيل تأجيرها لآخر لقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) .

المصدر : الروضة الندية في الفتاوى الشرعية ، مصرف فيصل البحرين .

 

السؤال : يقوم المصرف من واقع مركزه في السوق المالي الدولي بالبحث عن فرص الاستثمار والتمويلات الإسلامية المختلفة ، ويقوم بدراسة هذه الاستثمارات وأخذ المعلومات والموافقات اللازمة من جهات الاختصاص في المصرف ، ثم يقوم بعرض الأدوات الاستثمارية على الهيئة الشرعية (بالنسبة للعمليات التي لم يسبق عرضها على الهيئة) لأخذ الموافقة عليها وبناء على ما ذكر يتم التفاوض مع أطراف العملية بخصوص شروطها والعمل مع المحامين على إكمال العقود اللازمة لإبرام هذه العمليات الاستثمارية ، وقد ينجح المصرف في إكمال صفقة من بين عشر صفقات معروضة ، ويتفق مع الشركة البائعة (المقدمة) لهذا الاستثمار على عمولة سعي تترواح ما بين نصف إلى ثلاثة بالمائة من إجمالي قيمة الاستثمار . كما يقوم المصرف بالعمل من خلال جهازه التسويقي بالبحث عن مستثمرين للدخول في الصفقة المحددة أو استثمار أموال الحسابات الخاصة أو المضاربات التي يديرها المصرف ، نرجو الإطلاع وإعطاءنا الحكم الشعري في الموضوع أعلاه ؟

الجواب : إذا باع المصرف أو اشترى لنفسه فلا يجوز له أخذ عمولة سعي عن العملية أما إذا اشترى المصرف لبعض العملاء أو المصارف أو المحافظ الاستثمارية التي يديرها جاز أن يأخذ الأجرة على ذلك بشرط ألا يكون مضارباً فيها لأنه إذ كان مضارباً فله حصة في عائد المضاربة لأنه مضارب وليس أجير .

المصدر : الروضة الندية في الفتاوى الشرعية ، مصرف فيصل البحرين .

 

السؤال : تقدم أحد عملاء المصرف طالباً قيام المصرف بشراء المبنى الذي يمتلكه العميل حالياً ومن ثم استئجاره من المصرف عن طريق عملية الإجارة المنتهية بالتمليك بحيث تؤول ملكية المبنى للعميل في نهاية مدة العقد . ويعطي المصرف وعداً بذلك أي ببيع العقار للعميل في تاريخ آجل بسعر رمزي . هل يجوز للمصرف أن يشرع في مثل هذه العملية عن طريق استخدام عقد الإجارة والاقتناء ؟

الجواب : لا يظهر للهيئة مانع شرعي من قيام المصرف بشراء العقار من العميل ثم قيامه بتأجيره له ثم بيعه له بعد انتهاء مدة الإجارة بسعر يجري الاتفاق عليه بين الطرفين (المصرف والعميل) بشرط أن يكون كل واحد من هذه العقود الثلاثة مستقلاً عن العقدين الآخرين بحيث لا يرتبط واحد منها بالآخر .

المصدر : الروضة الندية في الفتاوى الشرعية ، مصرف فيصل البحرين .

 

السؤال : تعلمون فضيلتكم أن المصارف الإسلامية تقوم من واقع عملها كممول للعمليات المباحة شرعاً في تمويل عمليات تأجير المعدات والآلات والمباني إما بإجارة مطلقة أو بإجارة منتهية بالتمليك (إجارة واقتناء) .

كما أنه من المعروف أن أجهزة الكمبيوتر يمكن تأجيرها للشركات للانتفاع بها ولكن هذه الأجهزة تكون عديمة الفائدة إن لم يدخل بها نظام التشغيل أو ما يسمى ببرامج الحاسوب وهذه البرامج تختلف باختلاف النشاط التجاري واحتياجات الشركة ، فمثلاً يمكن أن تقوم شركة طيران بشراء جهاز مماثل لما يستخدمه أحد المصرف ، ولكن برامج التشغيل مختلفة تماماً في كلا الشركتين ، وحيث إن شركات برامج الكمبيوتر تبذل أموالاً طائلة في دراسة احتياجات الشركات الأخرى وعمل البرامج المناسبة لها فيمكن القول بأن مصاريف إعداد هذه البرامج تعتبر بالنسبة للشركة مثلها مثل المصاريف التشغيل في المصانع حتى ينتهي إعداد المنتج وهي برامج الكمبيوتر ، وإذا ما تم إعداد هذه البرامج قامت الشركة بتسويقها وبيعها للشركات التي تطلبها ، وقد يقتضي الأمر عمل بعض التعديلات بما يتلاءم واحتياجات الشركة طالبة الأنظمة أو تطوير هذه البرامج خلال مدة العقد . فهل يجوز للمصرف شراء هذه البرامج من إحدى المؤسسات التي أعدتها ومن ثم تأجيرها لطرف ثالث (طالب البرامج) بإجارة تنتهي بالتمليك بحيث يقوم المصرف بشراء البرامج ودفع قيمتها لشركة برامج الكمبيوتر مضافاً إليها مصاريف التطوير خلال فترة العقد؟

الجواب : بالإشارة إلى استفساركم بخصوص حكم شراء برامج تشغيل أجهزة الكمبيوتر ، حيث إن هناك شركات متخصصة تقوم بإعداد برامج للكمبيوتر حسب الاحتياج فقد تكون البرامج مختصة بشئون الطيران وقد تكون مختصة بشئون الاستثمارات التجارية أو الانتاجات الصناعية وتذكرون أن شركات برامج الكمبيوتر تبذل أموالاً في سبيل إعداد هذه البرامج ثم تقوم بعرض بيعها ليتولى من يشتريها هذه البرامج ويقوم ببيعا لجهات الاختصاص بها أو تأجيرها لهم تأجيراً ينتهي بالتمليك والإجابة على ذلك ما يلي :

إذا كان الأمر كما تتصوره الهيئة من واقع هذه البرامج المفرغة في اشرطة كمبيوتر ولم يتطرق إليها شيء من الجهالة أو الغرر أو التدليس أو الغش أو أي نوع من أنواع المحرمات وكان المبيع برامج الكمبيوتر مستكملاً شروط صحة البيع ومن ذلك القدرة على تسليم المبيع للمشتري وكان المبيع من الأمور المباحة شرعاً ، إذا كان الأمر كذلك فلا يظهر للهيئة مانع شرعي من شراء المصرف هذه البرامج وبيعها لمن يطلبها أو يؤجرها له إجارة مع الوعد بالتمليك بعد انتهائها أما إذا كان هذا البيع مشتملاً على غرر أو جهالة فإن البيع غير صحيح لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الحصاة وبيع الغرر .

المصدر : الروضة الندية في الفتاوى الشرعية ، مصرف فيصل البحرين .

 

السؤال : الجزء الأول : ما هو الحكم الشرعي في قيام المصرف بشراء عين من مالكها وهي الآن مؤجرة لطرف آخر (المستأجر) إما إجارة عادية أو إجارة تنتهي بالتمليك (اجارة واقتناء) بحيث يقوم البائع إما بالتنازل عن حق عقد الإيجار للمصرف أو أن يوكل المصرف البائع نفسه بالقيام بتحصيل الإيجار نيابة عنه خلال مدة الإجارة .

الجزء الثاني : إذا اشترى المصرف العين المؤجرة (المشار إليها في السؤال الأول) من المالك فهل يحق للمصرف الاتفاق مع المستأجر على فسخ عقد الإجارة القائم حالياً بين المالك السابق (المؤجر) والمستأجر وإجراء عقد إجارة جديد بين المصرف والمستأجر نفسه بشروط مختلفة أو تأجير العين لطرف آخر إذا لم يرغب المستأجر الاستمرار في تأجير العين لأي سبب من الأسباب؟

الجواب : الجزء الأول : حيث أن المصرف يقوم بشراء عقار مؤجر على أحد الناس إما إجارة عادية أو إجارة مع الوعد بالتمليك ، فهل يجوز للمؤجر والبائع للمصرف أن يتنازل للمصرف عن عقد الإيجار ليحل المصرف محله قبل المستأجر والجواب لا بأس بذلك ولكن بشرط أن يكون تنازل البائع (المؤجر) بدون زيادة ولا نقص في الإيجار وذلك لأنه يجوز لمن يملك عقاراً فد أجره أن يبيعه أثناء الإجارة ، فإن البيع صحيح ويبقى المستأجر في العقار حتى يستكمل مدة إجارته لأنه ملك المنفعة مدة الإجارة والمؤجر ملك ثمن المنفعة وهي الأجرة فلا يجوز للمؤجر أن يبيع هذا الثمن إلا بمثله ، وتنازل البائع (المؤجر) عن عقد الإجارة لمشتر ليكون هو المؤجر على المستأجر هو في معنى هذا إن لم يتنازل البائع (المؤجر) عن عقد الإيجار ورغب أن يوكل البائع المشتري (المصرف) في استحصال الإيجار من المستأجر فيجوز ذلك وتكون الأجرة للبائع (المؤجر) ويجري من البنك - المصرف - تسجيلها له في حسابه أو تسليمها له .

الجواب الثاني : نعم يجوز للمصرف إذا اشترى من أحد الناس عقاراً مؤجراً أن يتفق مع المستأجر والمؤجر (البائع) على فسخ عقد الإجارة ثم يقوم المصرف بعد ذلك بإجراء عقد إجارة جديد مع المستأجر الأول أو مع غيره بالأجرة السابقة أو بأقل منها أو أكثر وبشروط يتفق عليها الطرفان ، ويتنازل المؤجر (البائع) عن حقه في الإجارة وبموافقة المستأجر على فسخ الإجارة يعتبر الحق بعد ذلك للمصرف بصفته مالكاً للعقار بعد شرائه إياه وتحريره من عقد الإجارة السابق للشراء .

المصدر : الروضة الندية في الفتاوى الشرعية ، مصرف فيصل البحرين .

 

السؤال : تقدم أحد المستثمرين في صندوق فيصل للتأجير باستفسار عن كيفية احتساب الزكاة على حسابه الاستثماري ، علماً بأن الصندوق الذي يدريه المصرف يستثمر أموال المستثمرين عن طريق شراء أعيان ومن ثم تأجيرها لصالح الصندوق ، كيف يمكن احتساب الزكاة؟ هل يتم احتسابها على أساس العائد (الإيجار) المستلم من تأجير الأعيان ؟ أم على مجمل رصيد حساب المستثمر ؟ كما أن غالب المستثمرين يودعون أموالهم فترات قصيرة تكون في العادة أقل من فترة الاستثمار ، أي بعض المستثمرين يطلب الدخول في الصندوق لفترة شهر أو ثلاثة أو ستة أشهر أو سنة في حين أن فترة الإيجار تكون من ثلاث إلى خمس سنوات ؟

الجواب : الزكاة واجبة على كل مسلم بشروط لقوله تعالى (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) ولحديث جبريل وإبن عمر وفيهما أن الزكاة أحد أركان الإسلام وحديث معاذ بن جبل وفيه قوله صلى الله عليه وسلم (فإن هن أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله إفترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم) وحيث أن الاستثمار في الصندوق محصور في شراء أعيان ثم تأجيرها وأن الصندوق لا يتاجر في هذه الأعيان بحيث يبيعها ويشتري غيرها ويستثمرها بالتأجير لمدة قصيرة على نية بيعها حتى يجئ مزيد شرائها وإنما هدف الصندوق حبس هذه الأعيان واستغلال منافعها عن طريق التأجير إذا كان الأمر كذلك فإن الزكاة لا تجب في هذه الأعيان وإنما تجب في غلالها عن طريق التأجير على خلاف بين العلماء هل تجب الزكاة وفت حصول الأجرة أم بعد تمام الحول على استحقاقها وهذا رأي جمهور الفقهاء وهو الذي نختاره ونفتي به ، فمن إستحق عائداً من أجرة هذه الأعيان سواء استحق بعد عام من دخوله في صندوق الاستثمار بالتأجير أو أقل من ذلك فإذا مضى على تملك هذا العائد عام وجبت الزكاة فيها ومقدارها ربع العشر 2.5% من كامل هذا العائد ويرى فضيلة رئيس الهيئة الدكتور يوسف القرضاوي أن الزكاة مقدارها على هذا العائد وأمثاله عشرة في المائة 10% وإذا كان الصندوق يتولى إخراج الزكاة بتفويض المستثمرين فيه فإن خلط الأموال المستثمرة فيه تصيرها مالاً واحداً على القول المختار لبعض أهل العلم من بعض المجامع العلمية ، فإذا كان المستثمر هو الذي سيتولى إخراج الزكاة عائدة استثماره في هذا الصندوق فإن كان أقل من النصاب وعنده أموال أخرى من الأثمان أو قيم عروض التجارة فيضم بعضها إلى بعض في تكميل النصاب وأن لم يكن له أموال أخرى فتجب الزكاة في هذا العائد وإن كان أقل من النصاب لأنه كان مختلطاً بأموال أخرى بلغت أكثر من النصاب ، وأما إذا كان قصد الصندوق المتاجرة في هذه الأعيان وصرف النظر عن استثمارها بطريق التأجير فتجب الزكاة في أصولها وعوائدها وذلك بتقويمها عند تمام الحول وإخراج الزكاة على كامل القيمة وبنسبة ربع الشعر (2.5%) .

المصدر : الروضة الندية في الفتاوى الشرعية ، مصرف فيصل البحرين .

 

السؤال : ينوي المصرف إنشاء محفظة جديدة للاستثمار في العقار بالمملكة حيث سيقترح صيغة استثمارية متنوعة الأغراض تجمع بين التأجير والبيع والشراء وتنشئة المباني وغيرها من التجارة في السلع والأسهم ، وسيقوم المصرف بدعوة المستثمرين للاشتراك في هذه المحفظة .

1- هل يمكن تطبيق فتوى الهيئة في زكاة صندوق فيصل للتأجير (الفتوى الأولى الواردة في باب فتاوى متفرقة) أم يجب على المستثمرين دفع الزكاة العادية؟

2- بما أن الصندوق يتكون من مجموعة مختلفة من الأصول بما فيها التأجير ، فما هو مقدار النسبة المئوية المقبولة في عمليات التأجير حتى يمكن تطبيق الفتوى على الصندوق الجديد؟

الجواب : الذي يظهر أن هذا النشاط الاستثماري الجديد ليس كالاستثمار في صندوق فيصل للتأجير فإن هذه المحفظة الجديدة محفظة استثمارية متجددة ومتنوعة كتجدد وتنوع العروض المعدة للتجارة ، ولا يخفى أن العروض المعدة للتجارة زكاتها في أصولها وأرباحها حيث تقوم بالنقد وبضم إليه ما كان من سيولة نقدية في هذه المحفظة وتخرج زكاتها 2.5% أما إذا كانت الأعيان المعدة للتأجير في هذه المحفظة مقصوداً بها استمرارية التأجير فالفتوى الصادرة من الهيئة في زكاة صندوق فيصل للتأجير تنطبق عليها ، وأما السؤال عن مقدار النسبة المئوية لهذه الأعيان المعدة للتأجير في هذا المحفظة الجديدة فترجع معرفتها - أي النسبة - إلى المصرف نفسه لأنه هو الذي يعرف نسبة ما في المحفظة الاستثمارية من عروض تجارة ونسبة ما في المحفظة من أعيان معدة للتأجير فقط .

المصدر : الروضة الندية في الفتاوى الشرعية ، مصرف فيصل البحرين .

 

السؤال : دخل المصرف مع أحد العملاء في عقد إجارة سيارات لمدة سنتين ينتهي بعدها بتمليك السيارات للعميل ، بحيث يدفع العميل الأجرة الشهرية في نهاية كل شهر ، وبعد مرور سنة ونصف السنة طلب العميل تمديد العقد لمدة ستة أشهر أخرى بحيث تكون إجمالي فترة الإجارة سنتين ونصف السنة بدلاً من سنتين ، علماً بأنه قد دفع القيمة المستحقة عليه خلال الفترة وحيث أنه يواجه بعض الأعباء المالية فقد تقدم بطلب تمديد فترة الإجارة .

الجواب : يجوز للمصرف أن يجري عقد إجارة جديد مع العميل بعد انتهاء مدة عقد الإجارة الأول معه وعلى مدة يجري الاتفاق عليها كذلك سواء أكانت بنفس الأجرة الشهرية في العقد الأول أو أقل منها أو أكثر ويمكن للمصرف مع عميله أن يتفقا على تقصير مدة الإجارة في العقد القائم إلى سنة ونصف مثلاً ثم يجريان عقداً جديداً لمدة معينة وبأجر معين يجري الاتفاق عليه بين الطرفين ، وبعد انتهاء عقد الإجارة سواء في الحالة الأولى أو الحالة الثانية يقوم المصرف مع عميله بإجراءات عقد البيع - للأعيان المؤجرة - على مستأجرها العميل بالثمن الذي يجري الاتفاق بينهما .

المصدر : الروضة الندية في الفتاوى الشرعية ، مصرف فيصل البحرين .

 

قرار رقم (198) وتاريخ 3/11/1420هـ فإن مجلس هيئة كبار العلماء في دورته الثانية والخمسين المنعقدة في مدينة الرياض ابتداء من تاريخ 29/10/1420هـ ، نظر في موضوع العقد المسمى (الايجار المنتهي بالتمليك) وبعد البحث والمناقشة رأى المجلس بالأكثرية أن هذا العقد غير جائز شرعاً لما يأتي :

أولاً : أنه جامع بين عقدين على عين واحدة غير مستقر على احدهما وهما مختلفان في الحكم متنافيان فيه ، فالبيع يوجب انتقال العين بمنافعها إلى المشتري وحينئذ لا يصح عقد الإجارة على البيع لأنه ملك للمشتري والإجارة توجب انتقال منافع العين فقط إلى المستأجر ، والمبيع مضمون على المشتري بعينه ومنافعه ، فتلفه عليه عيناً ومنفعة فلا يرجع بشيء منهما على البائع ، والهين المستأجرة من ضمان مؤجرها ، فتلفها عليه عيناً ومنفعة إلا أن يحصل من المستأجر تعد أو تفريط.

ثانياً : أن الأجرة تقدر سنوياً أو شهرياً بمقدار مقسط يستوفي به قيمة المعقود عليه ، بعده البائع أجرة من أجل أن يتوثق بحقه حيث لا يمكن للمشتري بيعه، مثال ذلك  إذا كانت قيمة العين التي وقع عليها العقد خمسين ألف ريال وأجرتها شهرياً ألف ريال حسب المعتاد جعلت الأجرة ألفين ، وهي في الحقيقة قسط من الثمن حتى تبلغ القيمة المقدرة ، فإن أعسر بالقسط الأخير مثلاً سحبت منه العين باعتبار أنها مؤجرة ولا يرد عليه ما أخذ منه بناء على أنه استوفى المنفعة ، ولا يخفى ما في هذا من الظلم والالجاء إلى الاستدانة لايفاء القسط الأخير .

ثالثاً : أنه هذا العقد وأمثاله أدى إلى تساهل الفقراء في الديون حتى أصبحت ذمم كثير منهم مشغولة منهكة وربما يؤدي إلى إفلاس بعض الدائنين لضياع حقوقهم في ذمم الفقراء .

ويرى المجلس أن يسلك المتعاقدان طريقاً صحيحاً وهو أن يبيع الشيء ويرهنه على ثمنه ويحتاط لنفسه بالاحتفاظ بوثيقة العقد واستمارة السيارة ونحو ذلك ، والله الموفق .

المصدر : رئاسة إدارة البحوث العلمية والافتاء الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء ، رئيس المجلس عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ ، وعضوية كل من صالح بن محمد اللحيدان ، راشد بن صالح بن خنين ، محمد بن إبراهيم بن جبير ، عبدالله بن سليمان المنيع ، عبدالله بن عبدالرحمن الغديان ، د. صالح بن فوزان الفوزان ، محمد بن صالح العثيمين ، عبدالله بن عبدالرحمن البسام ، ناصر بن حمد الراشد ، محمد بن عبدالله السبيل ، د. عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ ، محمد بن سليمان البدر ، عبدالرحمن بن حمزة المرزوقي ، د. عبدالله بن عبدالمحسن التركي ، محمد بن زيد آل سليمان ، د. بكر بن عبدالله أبو زيد  ، حسن بن جعفر العتمي ، د. عبدالوهاب بن إبرايهم أبوسليمان، د. صالح بن عبدالرحمن الأطرم .

 

السؤال : عن شراء البيوت السكنية بالقروض الربوية في بلاد الغرب ، ليس جديداً بالنسبة إلي ، بل هو سؤال قديم ، عمره نحو ربع قرن من الزمان أو يزيد ، وقد سمعته مراراً منذ بدأت زياراتي تتوالى للأقليات والجاليات الإسلامية في أمريكا وأوروبا وبلاد الشرق الأقصى ، وغيرها ، فكان السؤال عن شراء البيوت يتكرر باستمرار ، تكرر السؤال عن لحوم الذبائح التي يذبحها الغربيون - وهم الغالب مسيحيون - وعن الأطعمة التي يمكن أن يدخل فيها لحم الخنزير أو شحمه . والظاهر من كثرة ورود السؤال عن شراء البيوت أن وراءه سببين :

الأول : هو حاجة الناس الماسة لامتلاك بيوت خاصة بهم ، تسعهم وتسع أولادهم ، وتسع ضيوفهم . والثاني أن هناك من العلماء - وهم قلة - من أفتى بجواز شراء هذه البيوت ، وجادل عنها .

وقد أخبرني بعض الأخوة في بريطانيا أن بعض علماء الهند وباكستان أفتوا قديماً لبعض الإخوة الهنود والباكستانين في بريطانيا بجواز شراء هذه البيوت بالفوائد ، على مذهب أبي حنيفة وصاحبه محمد ، فاشتروا بيوتاً  في لندن وبعض المدن الكبيرة ، بأسعار رخيصة في ذلك الزمن، وسرعان ما تغير الحال وارتفعت الأسعار ، فأصبحت هذه البيوت - وبعضها في قلب لندن - تساوي الملايين وعشرات الملايين ، مما أدى إلى تغير الوضع الاقتصادي لهؤلاء وغدا بعضهم من كبار الملاك في إنجلترا . وأود أن أقول هنا بصراحة إن رأي في هذه القضية ظل - إلى نحو عشرين سنة تقريباً - هو المنع والتحريم والتشديد في ذلك ، والرد على من يميل إلى الاباحة وإذا كان هذا شأن الكبار من أئمتنا ، فليس عجباً ولا غريباً أن يتغير رأي مثلي في هذه القضية ، من المنع إلى الإجازة ، ومن التشديد إلى التيسير .

وقد ظللت متحرجاً فترة من الزمن من إعلان هذا الرأي ، وكنت أفتي به لمن سألني خاصة ، ثم رأيت الإعلان عنه ، لأني أصبحت أسأل على الملأ وفي المحاضرات واللقاءات العامة ، ثم في القنوات الفضائية بعد ذلك ، ولا يسعني أن أكتم ما انتهى إليه رأي في المسألة ، والفقيه المسلم لا يجوز له أن يفتي الناس بغير ما اقتنع به عقله ، وانتهى إليه اجتهاده وعلمه ، وإلا كان خائناً لأمانة العلم ، بل خائناً لله وللرسول ولجماعة المسملين .

وهب أن رأيه هذا كان خطاًً ، فهو معذور ، كما علمنا الله تعالى أن نقول : ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا" (البقرة 286) وقد جاء في الصحيح أن الله تعالى قال : "قد فعلت" أي أنه استجاب الدعاء ، وكما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم : أن  الله وضع عنا الخطأ والنسيان وما استكرهنا عليه .

بل صح في الحديث المتفق عليه أن المجتهد إذا أخطأ فليس بمعذور فقط بل هو مأجور أيضاً ، وإن كان أجراً واحداً ، المهم  أنه لم يحرم من الأجر ، كما في حديث عمرو بن العاص : "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب ، فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر" .فهو إذا أصاب ، له أجران : أجر الاجتهاد ، وأجر الإصابة ، وإذا أخطأ فله أجر واحد ، وهو أجر الاجتهاد ، وهذه لا شك من روائع الإسلام : أن يثاب المجتهد المخطئ ، ولا يعاقب ، فأي تشجيع على الاجتهاد - ولو خطأ - أكثر من هذا ؟

وقبل أن نجيب عن هذا السؤال الكبير ، يحسن بنا أن نستبين حقيقة المشكلة من أصحابها أنفسهم ، فهم أعلم بها وبجوانبها المختلفة منا ، ولا يبنئك مثل خبيير ، وهذا يعيننا على إصدار حكم أقرب إلى السداد ما استطاع البشر غير المعصوم .

تصوير المشكلة كما يعرضها أهلها :

من حق المفتي - بل من واجبه - أن يتصور المشكلة التي يفتي فيها تصوراً صحيحاً ، مبنياً على الواقع ، دون تهوين ، ولا تهويل ، حتى تكون فتواه على بصيرة ، وقد قال العلماء : الحكم على الشيء فرع عن تصوره .

وهذا ما نعبر عنه بـ (فقه الواقع) فكثيراً ما يكون خطأ الفقيه ناشئاً من عدم تصور واقع المسألة المستفتي فيها ، وليس من عدم فهم النصوص والقواعد الشرعية ، ومن هنا نعرض هذه البيانات كما قدمها الإخوة المهتمون والعارفون بهذا الشأن في الغرب :

1- تشكيل الفائدة في القسط الأولى للبيت المشتري عن طريق البنك الربوي : النسبة الغالبة من قيمة القسط ، والنسبة الأقل تكون سداداً لقيمة القرض الأصلي ، وتنعكس هذه النسبة تدريجياً حتى تصبح النسبة الغالبة سداداً للقرض في الأقساط الأخيرة .

2- الوفاء للدين يكون لمدة قد تصل إلى ثلاثين عاماً ، وتقل الفائدة بتقصير مدة السداد ، كما تزيد بتطويلها ، وقد تصل الفوائد في نهاية مدة الساداد ضعفي أصل القرض حسب المدة .

3- القسط المدفوع شهرياً للبنك يعادل الإيجار السنوي الذي يدفع في حالة استئجار البيت ، أو يكون أكثر منه بقليل ، وفي بعض الأحيان يكون أقل .

4- في حالة شراء البيت من البنك بطريق الفوائد الربوية ، بعد سداد الأقساط يصبح البيت ملكاً للمشتري ، أما في حالة الإيجار ، فما يدفعه المستأجر للمالك يعتبر مبلغاً مهدراً في نظره ، لا يملك في مقابله شيئاً غير المنفعة .

5- في حالة القرض بطريق الفوائد تعفى الفوائد المصرفية بما يعادلها من نسبة الضريبة الكلية ، وهي في العادة كبيرة وثقيلة على الناس ، أما في حالة الإيجار فهو يقوم بدفع هذه الضريبة كاملة .

6- في حالة الإيجار لا يدفع قيمة التدفئة والكهرباء وضريبة الأملاك والنظافة وإصلاحات المنزل فهي على المالك ، في حين أنه يدفع كل هذا في حالة شراء البيت وتملكه .

 7- هناك ضرر محتمل الوقوع ، وهو أن إطلاق جواز شراء البيوت للسكن من البنوك الربوية قد يهدد نمو واتساع الشركات الإسلامية العاملة في هذا المجال .

8- يعتذر مطلقاً تملك المسلمين للعقار في هذه الديار إلا في أحوال ثلاثة :

أ) في حالة الشراء نقداً ، أو بواسطة التعاون بين الأفراد (وهذا أمر صعب ، وهو نادر جداً) .

ب) أو عن طريق بعض الشركات الإسلامية (وهذه من حيث رؤوس الأموال لا تفي بمتطلبات الأقلية المسلمة لضعف رؤوس الأموال ، ثم إن نسبة المرابحة التي تحصل عليها قد تصل ثلاثة أضعاف نسبة فوائد البنك الربوية ، ومدة القرض تكون قصيرة لا تزيد عن خمس سنوات ، وقيمة القسط السنوي تكون مضاعفة لا يستطيع الكثيرون غالباً الوفاء بها ) .

ج) أو أن يتم تملك المسلمين للعقار عن طريق البنوك الربوية .

9- الملاك في الغرب عامة لا يؤجرون بيوتهم  للأسر الكثيرة الأولاد ، وهذا منتشر بين المسلمين ، وكثير من الأسر المسلمة طردوا من سكن الإيجار لكثرة الأبناء ، أو لكثرة الضيوف ، أو لكثرة الحركة في الشقة ، أو لتعنت بعض الجيران غير المسلمين ، وفي هذه الحالة يصعب التنقل من مكان لآخر لنفس السبب ، وتكون لمشقة أكثر وروداً .

10- بعض الأقطار في أوروبا وبعض الولايات في أمريكا تحدد عدداً من الأبناء لسكن الإيجار ، وفي هذه الحالة تصبح المشقة مضاعفة خصوصاً مع من يزيد أبناؤه عن أربعة أولاد ، وهؤلاء كثيرون .

11- هنا إشكالية تتصل بالعقد ال1ي يبرمه البنك : أنه تعاقد على بيع بيت ولا يسلم المقترض مالاً بل يسلمه البيت والإشكالية التي يدعيها البعض أن الربا شكلي : يتمثل في صورة التعاقد أما حقيقة الإجراء فهو إجراء بيع أجل ، زيد فيه الثمن في مقابل الأجل .

12- في بعض الأحيان يقوم بعض الناس بشراء بيت عن طريق البنك مكون من شقتين يسكن في شقة ويؤجر الشقة الثانية ، وتكون أجرة الشقة الثانية قيمة القسط الواجب سداده للبنك عن البيت كله ، وبعد الوفاء للبنك بالدين تصبح الشقتان ملكاً للمشتري .

 

مزايا تملك بين للسكن :

يؤكد الإخوة في الغرب أن وراء تملك بيت للسكن للمسلم جملة من المزايا المادية والأدبية ، وبتعبير آخر : الاقتصادية وغير الاقتصادية ، وسنجملها ما يلي :

أولاً : المزايا الاقتصادية

1.  تخفيض الفوائد المدفوعة من الدخل الخاضع للضريبة ، مما يؤدي إلى تخفيض مقدار الضريبة المدفوعة : النقص بالضريبة هو دائماً أقل من مقدار الفوائد المدفوعة ، بينما الأجرة المدفوعة غير معفاة من الضريبة ، وبالتالي لا يحصل المستأجر على أي تخفيض ضريبي .

2. يؤخذ جزء من القسط المدفوع - يبدأ قليلاً جداً ويتزايد مع الزمن لأن الأقساط متساوية - لسداد رأس مال القرض . وهذا يعني تكوين رأسي مال للمشتري أما الأجرة فهي كلها نفقة .

3. المشتري يملك ، فهو الذي ينال أي فرق في السعر بين الشراء والبيع - عند البيع - فإذا زادت الأسعار أخذ الفرق عن جميع البيت ، وليس فقط عما دفع فيه ، وإذا انخفضت كان هو الخاسر ، لأنه مدين بمقدار القرض ، ولا علاقة لذلك بثمن المسكن ، ولكن الغالب هو زيادة الأسعار ، وهو ما يتوقعه  الناس عادة عند الشراء ، ويحرصون عليه عند اختيار الموقع وقد يحصل العكس فيخسر .

4. قسط الثمن في الأغلب ثابت (وهناك قروض تتغير فيها الفائدة ولكن بمقدار القرض لا يتغير إلا بما يدفع منه) وفي الأمد الطويل - وهو المعتاد في قروض السكن - يحصل تضخم - ولو كان بطيئاً - فيتزايد دخل الشخص دون أن يزيد القسط الذي يدفعه وبذلك تتناقص نسبة القسط إلى الدخل ، أما الأجرة فتتزايد عادة مع التضخم .

5. ملك المسكن علامة استقرار مما يزيد في ثقة المقترضين الآخرين بالشخص ، كما أن وجود التزام المقرض بمبلغ كبير مقسط على مدة طويلة يعتبر مزية تساعد على الحصول على قروض أخرى ، وعلى بطاقات ائتمان وغير ذلك من مزايا الثقة المالية ، والاستئجار لا يفيد في ذلك .

6. ملك السكن يشجع صاحبه على التحسين المستمر فيه ، لأنه ملكه ، مما يزيد في قيمته ، بخلاف السكن المستأجر .

ثانياً : المزايا غير المالية :

1- المشتري يتخير المناطق ذات المدارس الجيدة ، ولا يستطيع المستأجر غالباً ذلك ، لأن الأماكن المتاحة للاستئجار تكون في مناطق من مستوى أقل في الأغلب ، وفرق المدارس فارق مهم جداً .

2- المشتري يستطيع أن يتخير الأماكن القريبة من المسجد ومن المركز الإسلامي ، وكذلك يمكن للمسلمين المالكين أن يتقاربوا بعضهم من بعض وفي ذلك فوائد معنوية كبيرة ولا يتيسر ذلك للمستأجرين .

3- جميع الخدمات الحكومية هي أفضل في المناطق المسكونة من قبل مالكيها منها في المناطق المعدة للتأجير .

4- السكن في منزل مملوك فيه عزة وكرامة للساكن أكثر بكثير من ساكن الشقة المستأجرة وهذا يؤثر على نظرة الآخرين ممن يتعامل معهم  الشخص بداءً من ملهم المدرسة ، وانتهاء بمكان العمل ماراً خلال ذلك حتى بسائق سيارة جمع القمامة .

5- البيئة على العموم أفضل في مناطق المنازل منها في مناطق الشقق حتى الجرائم هي أقل في الأولى منها في الثانية على العموم .

6- للاستقلال مزايا كثيرة في أصوات الأطفال والكبار وزائريهم ، وحرية الحركة للنساء في البيت ، إذ كثيراً ما يمكن لهن الراحة ، ووضع الملابس الخارجية ، دون أن ينكشفن على الجوار ومن هذه المزايا الاستيقاظ للفجر والسحور في رمضان وجلسات المدارسة والتعلم وغير ذلك دون أدنى حرج .

الاستفسارات التي تحتاج إلى البحث والدراسة :

1- هل العقود المبرمة مع البنوك في أوروبا وأمريكا لشراء البيوت عقود ربوية محضة أو هي عقود تقع تحت بيع الأجل لوجود سلعة بين البنك والمقترض (المشتري)؟

2- هل من مقتضى حفظ مال المسلمين شراء العقار من هذه البنوك؟

3- هل من مقتضيات مصلحة المسلمين تملك العقارات بشراء البيوت من البنك الربوي ؟

4- عند انتفاء الضرر بشراء البيت عن طريق البنوك الربوية ، هل يجوز الاقتراض من هذه البنوك من أجل بيت للسكن للحاجة مع بقاء الحرمة في ظل الاقتصاد العالمي الحالي ، ولحين وجود اقتصاد إسلامي مستوعب لحاجة المسلمين أو هو ضرورة خاصة تقدر بقدرها ؟

5- ما هي الحلول الواقعية والبدائل العملية التي تفي بسد حاجة المسلمين من حيث الحصول على السكن الضروري؟

علماء العصر وهذه القضية :

وقد عرض لهذه القضية - قضية التعامل بالفوائد الربوية في المجتمعات غير الإسلامية - أو خارج دار الإسلام بتعبير فقهائنا القدامى ، أو في دار الحرب بتعبير آخر - بعض علماء العصر ، وأفتى بعضهم بالمنع ، وهم الأكثر ، وبعضهم بالإجازة .

ومن أقدم علماء العصر الحديث الذين عرضوا لها العلامة السيد محمد رشيد رضا صاحب (المنار) الذي كانت تأتيه الأسئلة من أنحاء العالم ، فيجيب عنها في مجلته الشهرية (المنار) ومنها سؤال عن قضيتنا هذه جاءه من جاوافي اندونيسيا ، يقول :

ما قول السيد البار بالمسلمين ، والرشيد الحريص على أحكام رب العالمين في فتوى بعض العلماء : يحل أموال أهل الحرب فيما عدا السرقة والخيانة ونحوها مما كان برضاهم وعقودهم ، فهو حل لنا  مهما يكن أصله حتى الربا الصريح!؟

أليست هذه الفتوى وأمثالها الضربة القاضية على جميع ما حرمه الله ، والتعدي على الحدود التي لم يستثن منها اضطراراً ولا عذراً لفاعل؟ كالشرك والكفر بغير إكراه ، والقتل العمد إلى آخره .

وأجاب السيد رشيد بقوله : أصل الشريعة الإسلامية أن أموال أهل الحرب مباحة لمن غلب عليها وأحرزها بأي صفة كان الإحراز إلا أن الفقهاء خصصوا هذاالعموم بما ورد في الشريعة من التشديد في تحريم الخيانة ، فقالوا : إن المسلم لا يكون خائناً في حال من الأحوال ، فإذا ائتمنه أي إنسان وإن كان حربياً على مال وجب عليه حفظ الأمانة وحرمت عليه الخيانة ، فإذا كان الأصل في مال الحربي أنه غنيمة لمن غنمه بالقهر أو بالحيلة أو بكل وسيلة ما عدا الخيانة أفلا يكون حله أولى إذا أخذه المسلم برضاه ، ولو بصورة العقود الباطلة في دار الإسلام بين المسلمين والخاضعين لحكمهم من غيرهم؟ إنه لم يظهر لي أدنى وجه لقياس حل سائر المحرمات كالكفر والخمر والميتة وهي من المحرمات لذاتها في دار الإسلام ودار الحرب على مال الحربيين المباح في أصل الشريعة ، إذ الأصل في القياس أن يلحق الشيء بمثله في علة الحكم لا بضده .

لولا كتاب خاص شرح لنا فيه صديقنا السائل سبب سؤاله لما فهمنا قوله فيه : إن تلك الفتوى ضربة قاضية على جميع ما حرمه الله تعالى فقد كتب إلينا أن بعض المستمسكين بحب الدين في جاوه قد استنكروا الفتوى المسؤول عنها لأنهم فهموا منها أن استحلال الربا في دار الحرب يفضي إلى استحلال سائر المعاصي كالزنا واللواط والقتل وغير ذلك فيها أو مطلقاً وهذا سوء فهم منهم ، فإن الفتوى ليست في استحلال الربا مطلقاً كما تقدم ولا يخفى على أحد منهم أن حرمة سفك الدم بغير حق أشد من حرمة أخذ المال بغير حق ، فهل يقيسون إذا إباحة قتل المحارب على إباحة قتل المسالم من مسلم وذمي ومعاهد؟ ولدار الحرب أحكام أخرى تخالف أحكام دار الإسلام منها عدم إقامة الحدود فيها .

ونقول لهم من جهة أخرى إذا أقام المسلم في غير دار الإسلام فهل يدعون أن الله تعالى يأمره بأن يدفع لأهلها كل ما يوجبه قانون حكومتها من مال الربا وغيره - ولا مندوحة له عن ذلك ح ويحرم عليه أن يأخذ منهم ما يعطونه إياه بحكم ذلك القانون من ربا وغيره برضاهم واختيارهم ؟ أعني هل يعتقدون أن الله تعالى يوجب على المسلم أن يكون عليه الغرم من حيث يكون لغيره الغنم ، أي يوجب عليه أن يكون مظلوماً مغبوناً ؟

فتوى مجمع الفقه الإسلامي

جاء في القرار 23(11/3) في معرض الإجابة عن استفسارات المعهد العالمي للفكر الإسلامي ما يلي :

السؤال الثامن والعشرون : ما حكم شراء منزل السكني وسيارة الاستعمال الشخصي وأثاث المنزل بواسطة قروض من البنوك والمؤسسات التي تفرض ربحاً محدداً على تلك القروض لقاء رهن الأصول ، علماً بأنه في حالة البيوت والسيارات والأثاث عموماً يعتبر البديل عن البيع هو الإيجار بقسط شهري يزيد في الغالب عن قسط الشراء الذي تستوفيه البنوك؟

الجواب : لا يحوز شرعاً .

وقد كان المجمع أحال أسئلة المعهد العالمي للفكر الإسلامي إلى عدد محدود من العلماء ، أجابوا فيها ، واكتفت إدارة المجمع بهذه الإجابات الموجزة ، ولم يحل الموضوعات إلى الدراسة والمناقشة ، كسائر القضايا الأخرى التي كثيراً ما تشبع بحثاً .

فتوى اللجنة العامة بالكويت  

وهناك فتاوى أقرب عهداً من الشيخ رشيد تجيز هذا التعامل مثل فتوى الكويت هذه الفتوى صدرت من الهيئة العامة للفتوى في الكويت (لجنة الأمور العامة) جواباً على استفسار قدمه أحد الأساتذة العاملين في مجال الدعوة في الولايات المتحدة الأمريكية ، وقد طوي اسمه من الفتوى حسب المتبع عند تقديم صورة منها لغير السائل ، وتاريخ الفتوى 15 شوال 1405هـ الموافق 2/7/1985م  وقد تم الحصول على صورة منها مصادق عليها من مدير مكتب الافتاء وفيما يلي نصها :

نص فتوى الهيئة العامة للفتوى بالكويت

فقد حضر إلى لجنة الأمور العامة في الهيئة العام للفتوى في جلستها المنعقدة صباح يوم الخميس 25 رمضان 1405هـ الموافق 13/6/1985م وقدم الاستفتاء الآتي : "ما الحكم الشرعي في شراء بيت في أمريكا بقرض من البنك يجر فائدة ؟" والمعلوم في هذه المسألة أن المشتري يخصم له من حساب الضرائب بنسبة ما يتحمل من الفائدة ، ولعط لذلك مثلاً : فأنا قد اشتريت بيتاً في شهر يونيو 1985م بمبلغ 280 ألف دولار على أن يدفع سنوياً مبلغ 45 ألف دولار وفاء لثمن البيت وسداد فوائد القرض ، وأن ييترتب علي مبلغ 40 ألف دولار للضريبة الاتحادية ولكن بما أنني اشتريت البيت بقرض من البنك فإن الواجب دفعه علي هو ما بين خمسة وسبعة آلاف دولار وحسب ، لأن الربا يخصم لي من قسط البيت . فهل يجوز لي أن اشتري البيت في أمريكا بمثل هذا القرض؟ وأقدم إليكم هذه الملحوظات بصدد ذلك .

1. إن عامة اليبوت المستأجرة قد اشتريت بقرض من البنك .

2. إذا كان المستأجر ذا أسرة صغيرة يسعه أن يستأجر شقة اليوم ، فإنه لا يسعه أن يجد ذلك لو كان ذا أسرة كبيرة ، وهو يضطر لشراء بيت آنذاك بأن يقترض من البنك وإلا فقد يلقي باسرته في أحضان الشارع .

أجابت اللجنة "إن الظروف والملابسات المحيطة بهذه القضية بالنسبة للمسلمين المتواجدين في تلك البلاد ، وفي غيبة البدائل المشروعة من قبل مؤسسة مالية تبيع بالأقساط تجعل هناك شبه ضرورة ، وهو ما يسميه الفقهاء (الحاجة العامة التي تنزل منزل الضرورة) ولذلك ترى اللجنة بأنه يجوز الإقدام على شراء البيت في أمريكا بقرض من البنك يجر فائدة في هذه الظروف بسبب الحاجة العامة المنزلة منزلة الضرورة وذلك إلى أن يتحقق البدائل المشروعة ويجب السعي الحثيث لنجاح المشاريع المطروحة للبدائل المشروعة والله أعلم .

المصدر : فتاوى الهيئة العامة للفتوى بالكويت : فتوى رقم 42 ع/85 .

هذه فتوى اللجنة العلمية الكويتية وهي مكونة من عدد من العلماء الذين لا يمكن أحد أن يشكك في علمهم أو دينهم ، وقد أسسوا فتواهم على قاعدة فقهية معروفة ومقررة لدى أهل العلم من المذاهب المختلفة ، وقد ذكرها السيوطي الشافعي وابن نجيم الحنفي ، كلاهما في كتابه (الأشباه والنظائر) وهي قاعدة (الحاجة تنزل منزلة الضرورة) أي تنزل منزلتها في إباحة المحظور بها ، وإباحة المحظورات بسبب الضرورات متفق عليه ، وهو معلوم بنص القرآن الصريح عليه في خمس آيات من كتاب الله تعالى كما قال تعالى : وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه" (الأنعام 119) .

وإنما جعل العلماء الحاجة ملحقة بالضرورة لأحاديث ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل إباحته  لبعض أصحابه لبس الحرير بعد ما حرمه على الرجال لحكة أصابتهم فقدر هذه الحاجة وأباح لهم ما حرمه على غيرهم . وكذلك نهاهم عن الجلوس في الطرقات فقالوا يا رسول الله إنما هي مجالسنا ما لنا منها بد فقدر حاجتهم تلك وأجاز لهم الجلوس بشروط وضوابط خلاصتها أن يعطوا الطريق حقه .

 

فتوى العلامة مصطفى الزرقا

ومن الفتاوى المجيزة لهذا التعامل فتوى العلامة الشيخ مصطفى الزرقا ، وقد سمعت فتواه شخصياً منه شفاهاً ، عندما لقيته في أمريكا في السبعينيات من القرن العشرين وكنت مخالفاً له في ذلك الوقت ، ثم سجل ذلك في فتاواه) التي شرفني بتقديمها . وقد أسس الشيخ رحمه الله هذه الفتوى اعتماداً على المفتي به في المهب الحنفي وهو رأي الإمام الأعظم أبي حنيفة وصاحبه محمد ، خلافاً لأبي يوسف وقد أشار الشيخ منصفاً إلى أنه خلاف ما ذهب إليه جمهور الفقهاء ولكنه رأي في مذهب معتبر وقد دعت الحاجة إلى الافتاء به ، وقد تعرض العلامة الشيخ الزرقا رحمه الله لهذه القضية في خمس فتاوى له نشرت في (فتاواه) من ص 614 إلى ص 626 وأجاب عدداً من الإخوة الأفاضل الذين سألوه عن الموضوع وهم الصابوني ، والكيلاني ، والرفاعي ، ورشاد خليل ، وأناس آخرون من المقيمين في أمريكا وكندا لم يذكر أسماءهم . ونختار هنا الفتوى الصادرة في 4/6/1418هـ الموافق 5/10/1997م وهي آخر الفتاوى المنشورة في كتابه - لأنها الأشمل في عرض القضية وشرح وجوه الاستدلال على حكمها .

نص فتوى الشيخ الزرقا :

"قد كثر السؤال والاستفتاء من المسلمين المقيمين في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا عن حكم الاقتراض هناك من البنوك بفائدة ربوية لأجل شراء بيت للسكنى ، ثو وفاء مبلغ القرض وفوائده مقسطاً لمدة طويلة ، كعشرين أو خمس وعشرين سنة ؟ على أن يملك البيت بعد وفاء القرض ، وبذلك يحلون مشكلة السكنى بكلفة أقل مما لو أرادوا أن يستأجروا استئجاراً .

فلإنسان هناك لأجل سكناه إما أن يشتري بيتاً بثمن من عنده ، وهذا نادر لغلاء البيوت ، وإما أن يستأجر ، وأجور البيوت باهظة ، وإما أن يقترض من البنك بفائدة ربوية ثمن البيت ، ويقسط الوفاء على مدة طويلة - كما ذكرنا - يملك البيت في نهايتها بعد الوفاء والمعتاد في هذه الحالة أن قسط وفاء القرض وفائدته للبنك يكون أقل من  بدل الإيجار لو استأجر ، ومع ذلك يملك البيت في النهاية . وبعد التأمل ومراجعة النصوص وجدت أن مذهب الإمام أبي حنيفة وصاحبه الإمام محمد بن الحسن في المسلم إذا دخل دار الحرب - أب بلاداً غير إسلامية - مستأمناً بأمان منهم  ، يقتضي جواز هذا الاقتراض بفائدة ربوية للمسلم المقيم هناك لأجل شراء بيت لسكناه إذا كان الواقع هناك كما هو مبين في الصورة . فإن مذهب أبي حنيفة وصاحبه الإمام محمد أن من دخل دار الحرب مستأمناً أي بإذن منهم يحل له من أموالهم ما يبذلونه له برضاهم دون خيانة منه ، ولو كان بسبب محرم في الإسلام كالربا بأن يأخذه منهم وإعطاؤهم الربا أوفر لمال المسلم ، كما في الصورة المسؤول عنها لما دخل في الموضوع شراء البيت ثم امتلاكه في نهاية الوفاء يجب أن  ينعكس الحكم لأن الحكم يدور مع  علته ثبوتاً وانتفاء ، حيث أصبح القرض مع فائدته أوفر لمال المسلم ، من الاستئجار الذي يخرج به المستأجر في النهاية صفر اليدين لم يملك شيئاً وبقي البيت لصاحبه المؤجر . لذلك  فالعبرة للنتيجة في الحالتين أيهما أوفر لمال المسلم في دار الحرب ولا شك أن طريقة الاقتراض من البنك الربوي بفائدة  هي الأوفر لماله بمقتضى مذهب أبي حنيفة وعلته فيكون ذلك جائزاً ولا سيما في حق العاجز عن شراء البيت من ماله . هذا بقطع النظر  عن الضرائب التي توفرها حالة القرض من البنك لأن الشراء من ماله أو الاستئجار يترتب فيهما ضرائب عالية على المشتري والمستأجر هناك . وليس المراد بدار الحرب في اصطلاح الحنفية بأن يكونوا في حالة حرب قائمة بينهم وبين المسلمين ، بل المراد بدار الحرب أنها غير إسلامية ، يبل مستقلة غير داخلة تحت سلطة الإسلام

وفي فتوى أخرى أضاف الشيخ العلامة رحمه الله هذه العبارة :

(أما من يقولون لكم من رجال العصر : إن الفوائد المصرفية ليست ربا ، فهذا ليس فقط كلاماً فارغاً وجهلاً ، بل هو ضلال وتضليل ، فإن الفوائد المصرفية هي عين الربا المحرم لا شبهة فيها ) .

وقفات مع فتوى الشيخ الزرقا

وأود أن أعقب على فتوى شيخنا الزرقا رحمه الله أو بعبارة أخرى أقف معها وقفات مهمة :

رجوعي إلى موافقة الزرقا

الوقفة الأولى : هي رجوعي إلى موافقة الشيخ الزرقا في فتواه ، بعد أن كنت من قبل ربع قرن ، مخالفاً له ، بل من أشد المعارضين له ، وقد ظللت على ذلك نحو عشرين سنة أفتي بتحريم  هذه المعاملة ، وأشدد في ذلك ، بناء على ما لاح لي في ذلك وقتها . ولا حرج على العالم المسلم أن يغير اجتهاده ، وينتقل من رأي إلى آخر فهذا هو شأن البشر غير المعصومين وقد رأينا إماماً مثل محمد بن إدريس الشافعي يغير رأيه ومذهبه في كثير من المسائل ، بعد أن استقر به المقام في مصر ، ورأى فيها ما لم يكن قد رأى وسمع ما لم يكن قد سمع ، ولا سيما أنه بلغ غاية النضج في الفكر والتبحر في العلم  . فأصبحنا نقرأ في مذهبه : قال الشافعي في القديم  ، وقال الشافعي في الجديد ، ولا ننكر شيئاً من ذلك . كما رأينا كثيراً من الأئمة تروى عنهم عدة أقوال أو  عدة روايات في المسألة الواحدة ، مثل الإمامين مالك وأحمد ، وخصوصاً الإمام أحمد ، الذي قد روي عنه سبع روايات أو عشر روايات في المسألة الواحدة . وهذا يعطي العالم سعة في تغيير رأيه إذا تغير اجتهاده ، على ألا يكون ذلك من أجل دنيا يريدها ، أو بشر يريد إرضاءهم على حساب رضا الله تبارك وتعالى فيبيع دينه بدنياه ، أو بدنيا غيره ، وهذا أخسر الناس ونعوذ بالله أن نكون منهم ونسأله تعالى أن يرزقنا الإخلاص فيما نقول وفيما نعمل .    وفي عصرنا رأينا بعض المجامع الفقهية تتخذ قراراً تفتي فيه برأي ثم ترجع عنه ، وتفتي بغيره ، كما فعل المجمع الفقهي لرباطة العالم الإسلامي ، حيث أفتى في إحدى دوراته بجواز استخدام بيضة إحدى الزوجتين لرجل واحد ، لتوضع في رحم الزوجة الأخرى ، إذا كان في الأولى مانع يحول دون وضع البيضة في رحمها ، ربما لعدم وجود رحم لها ، أو لآفة فيه تمنع ذلك . وفي الدورة التالية رجع المجمع عن ذلك ومنع هذه الصورة لما يترتب على الفتوى السابقة من ضياع معنى الأمومة بين الزوجتين فهل الأم  هي صاحبة البيضة التي تحمل الجينات وعوامل الوراثة ، أو هي صاحبة الرحم التي تحمل وتتوحم وتعاني الالام طوال تسعة أشهر : "حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً" وكان رجوع المجمع بإجماع أعضائه . وفي مجمع الفقه الإسلامي الدولي ، نراه قد اتخذ قراراً في إحدى دوراته بعدم اعتبار التضخم ووجوب الوفاء بالديون القديمة من النقود الورقية بمثلها وعددها ، وإن انخفضت قيمتها مئات المرات أو ألوفها كما في الليرة اللبنانية والدينار العراقي ، والجنية الاسترليني ، والليرة التركية . وقد قررت إدارة المجمع وأمانته العامة عقد ندوات متخصصة للبحث في الموضوع كما قررت إعادة  بحثه في الدورة الثانية عشرة المنعقدة  في الرياض وأظنها أجلت البت فيه إلى دورة أخرى .  وقد غيرت لجنة الفتوى بالأزهر فتواها في بعض القضاضاي لأسباب ومقتضيات شتى . فلا عجب إذن أن يتغير رأي العالم الفرد في بعض القضايا وقد أفتى سيدنا عمر رضي الله عنه في بعض القضايا برأي وبعد مدة قضى برأي آخر وقال قي ذلك هذا على ما علمنا وذاك على ما علمنا . وفي رسالته لأبي موسى يقول : لا يمنعنك قضاء قضيت فيه اليوم ، فراجعت فيه رأيك وهديت فيه لرشدك ، أن تراجع  فيه الحق ، فإن الحق قديم لا يبطله شيء ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل ، وقد أسأل نفسي لماذا ترجح القول الآخر لدي الآن ، وقد كان أمامي منذ زمن طويل ؟ وأقول : لعل الإنسان في شيخوخته يكون أكثر إشفاقاً على خلق الله تعالى وأكثر رغبة في التيسير عليهم وإيجاد المخارج لهم من مآزق حياتهم . أو لعل الإنسان بعد النضج يكون أكثر شجاعة في تبني الرخص والتخفيضات والإعلان عنها ولا يخاف عواقبها ، بعد أن أصبح قريباً من لقاء الله تعالى ، أياً كان السبب فهذا هو الرأي الذي اقتنعت به ، وانتهى إليه اجتهادي ولا يسع العالم المسلم أن يخون أمانة العلم ، ويفتي الناس بعكس ما يقتنع به ، بل المطلوب منه شرعاً ألا يكتم ذلك عن الناس وإلا كان آثماً وخصوصاً إذا كان فيه تيسير عليهم ، ورفع للحرج عنهم.

 

لم ينفرد أبوحنيفة وصاحباه بهذا الرأي :

الوقفة الثانية مع فتوى الشيخ الزرقا هي التنويه بأن الإمامين أبا حنيفة وصاحبه محمدا لم ينفردا بهذا الرأي بل قد وافقهما في ذلك بعض الأئمة الكبار أيضاً وحسبنا من هؤلاء الكبار إبراهيم النخعي وهو من فقهاء التابعين ووارث علم المدرسة المسعودية بالكوفة ، وسفيان الثوري ، وهو أحد الأئمة المتبوعين في الفقه وأمير المؤمنين في الحديث وأحد أئمة الورع والزهد أيضاً . فقد روى الإمام أبو جعفر الطحاوي بسنده عن إبراهيم  قال : "لا بأس بالدينار بالدينارين في دار الحرب ، بين المسلمين وأهل الحرب " شرح مشكل الآثار : 8/249 وقال العلامة ظفر العثماني "وسنده صحيح" إعلاء السنن 14/350 فلأبي حنيفة سلف من التابعين . وروى بسنده عن  سفيان ، مثل ذلك ، وقد نقل العلامة الهندي الحنفي ظفر أحمد العثماني (صاحب إعلاء السنن) في كتابه عن عمرو بن العاص (نقل ذلك عن الأموال لأبي عبيد ص 146 قال ورجاله تقات وانظر : إعلاء السنن 14/348 . ما يدل على أن المعاملات الفاسدة بين المسلمين تجوز في دار الحرب بين المسلمين وأهل الحرب ، بل في (دار الموادعة) أيضاً وقد نقل عن السرخسي أن الدار بالموادعة لا تصير دار إسلام بل هي دار حرب كما كانت قبل الموادعة . ونقل عن الإمام  الليث بن سعد قال :إنما الصلح بيننا وبين (النوبة) على ألا نقاتلهم ولا يقاتلوننا وأنهم يعطوننا رقيقاً ونعطيهم طعاماً وإن باعوا أبناءهم ونساءهم لم أر بأساً على الناس أن  يشتروا منهم . قال الليث وكان يحيى بن سعيد الأنصاري لا يرى بذلك بأساً (أبوعبيد الأموال ص 148) . وقد اختلف الفقهاء في ذلك فأكثرهم يرون أن البيع باطل ومن أجازه فإنما لأنه في غير دار الإسلام وقد أجازوه بينهم . قال الإمام أبوعبيد في "الأموال" معلقاً على رأي الليث ويحيى بن سعيد وكذلك كان رأي الأوزاعي (أي في دار الموادعة) قال : لا بأي به  لأن أحكامنا لا تجري عليهم ، وأما سفيان وأهل العراق يكرهون ذلك . قال وهو أحب القولين إلي لأن الموادعة أمانة ، فكيف يسترقون؟ (أبوعبيد : الأموال ص 147) .

قال صاحب إعلاء السنن : هذا إذا كانوا لايرون جواز هذا البيع مسلم ، وأما إذا كانوا يرون جوازه فلا يفضي إلى عذر ، ولا نقض الأمان . (إعلاء السنن 14/347) . وبهذا نرى أن هناك عدداً من الأئمة ينظرون إلى دار الحرب ومنها دار الموادعة غير نظرته لدار الإسلام  ويجيزون فيها من ألوان التعامل ما لا يجوز في دار الإسلام ، إذا رضيه أهلها وأجازوه بينهم ، بحيث لا يكون مننا غدر بهم لا خيانة لهم . وأود أن أبين هنا : أني لا أجيز بحال أ، يبيع الإنسان  أولاده ، لا في دار الحرب ولا في دار الإسلام ، وإنما أردنا من نقل أقوال  هؤلاء الفقهاء تقرير المبدأ وهو اختلاف الحكم في دار الإسلام عن غيرها ، وأنه قد يجوز في غيرها من التعامل ما لا يجوز فيها .

 

تفسير الزرقا لإعطاء الربا بدلاً من أخذه :

والوقفة الثالثة مع فتوى العلامة الزرقا : تتعلق بتفسيره لمذهب الأحناف الذين قالوا بجواز أخذ الربا خارج دار الإسلام ، ولم يقولوا بإعطائه، وأنا أؤيد تماماً تفسير الشيخ الزرقا بأن الإعطاء هنا يحقق مقصودهم بجواز الأخذ لأن العبرة بما يحقق مصلحة المسلم  ، ووقفتي هنا إنما هي لذكر للشيخ الزرقا : أن متقدمي أئمة الأحناف لم ينصوا في حكمهم  بالتعامل بالربا على أخذ ولا إعطاء بل أطلقوا القول في ذلك وربما نصوا في بعض المصادر على عكسه ، وإنما قيده المتأخرون منهم لاعتقادهم بأن الإعطاء للفائدة الربوية لا مصلحة فيه للمعطي بحال ، إنما المقصود من ذلك هو الأخذ دائماً . والدليل على ما أقول ما ذكره الإمام محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة من الاستدلال على هذه القضية مما وقع لبني النضير من اليهود . فقد احتج محمد في (السير الكبير) بحديث بني النضير حين أجلاهم رسول الله صلى عليه وسلم وقالوا إن لنا ديوناً على الناس لم تحل بعد فقال ضعوا وتعجلوا مستدلاً بهذا الحديث على جواز الربا بين المسلم والحربي في دار الحرب ، لأن ديونهم  كانت على المسلمين وقال و "إنما جوز ذلك  لأنهم كانوا أهل حرب ودارهم دار حرب وقد حاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في حصنهم فعرفنا أن مثل هذه المعاملة تجوز بين المسلم والحربي ، وإن كان لا يجوز بين المسلمين في دارنا ، ثم فرع عليه "أن مسلماً لو دخل إلى هؤلاء بأمان  وبايعهم متاعاً إلى أجل معلوم ثم صالحهم على أن يعجلوا ويضع عنهم البعض فذلك جائز لأن حرمة هذا التصرف في دار الإسلام لمعنى الربا من حيث إن فيه مبادلة" كذا في "شرح السير" .

ورد به بعض الأحباب على ابن الهام قوله : فتح إنه قد ألزم أصحاب الدرس أن مرادهم من حل الربا والقمار ما إذا حصلت الزيادة للمسملم، نظراً إلى العلة ، وإن كان إطلاق الجواب خلافه " فقال بعد نقله عبارة "شرح السير" المذكورة : "انظر كيف جوز هذه المعاملة مع كون الزيادة فيها للحربي؟" وعلله بجواز الربا بين الحربي والمسلم ، فظهر منه صراحة أن قولهم بجواز هذه المعاملة غير مشروط بما إذا حصلت الزيادة للمسلم بل هو عام .

وعلق على ذلك العلامة ظفر أحمد العثماني في كتابه (إعلاء السنن) بقوله : "قلت : لا نسلم كون الزيادة فيها للحربي ، لأن المعجل خير من المؤجل ، وقد أشار إليه بقوله : إن فيه مبادلة الأجل بالدراهم (وهو الربا بعينه) فلم تكن الزيادة للحربي بل للمسلم ، أو يكونان قد استويا نعم في هذه العبارة دليل على جواز المعاملات الفاسدة في دار الحرب بين المسلم والحربي ، خلاف ما ادعاه بعض الأحباب من حرمة مباشرة العقد على المسلم ، وحل المال له ، فإن قوله : فذلك جائز ، وقوله : فيجوز هذه المعاملة صريح في حواز مباشرة العقد مفسر في معناه ، وقد مر عن المبسوط قوله : ويستوي إن كان المسلم أخذ الدرهمين بالدراهم أو الدرهم بالدرهمين ، لأنه طيب نفس الكافر بما أعطاه ، قل ذلك أو كثر ، وأخذ ماله بطريق الإباحة كما قررنا ، فكان على بعض الأحباب رده على ابن الهمام بذلك ، لا بعبارة "شرح اليسير" التي ذكرها ، وليس معنى كلام "المبسوط" أنه يجوز للمسلم أن يعطي الحربي الكثير بالقليل مطلقاً ، ولو براً ، وإحساناً ، بل معناه جواز ذلك ، إذا كان له فيه منفعة ، كأن يأخذ درهماً بدرهمين إلى أجل ، أو يأخذ درهماً جيداً برديئين ، ونحو ذلك  ، لأن وضع المسألة إنما  هو في البيع على المماكسة دون المسامحة فجواز مبادلة الكثير بالقليل في البيع لا يكون من باب الإحسان ، كما توهمه بعض الأحباب ، وأطال في ذلك بما لا طائل تحته من القيل والقال" (إعلاء السنن: 15/407،408) .

 

المذهب الحنفي مذهب معتبر لدى الأمة :

وأود أن أضيف هنا أمراً مهماً هو معلوم ومقرر من غير شك ، وهو أن المذهب الحنفي مذهب معتبر لدى الأمة ، وهو أحد المذاهب الكبرى المتبوعة بل هو أكثرها انتشاراً بين المسلمين ، وخصوصاً لدى غير العرب ، في الهند وباكستان وبنجلاديش وأفغانستان والجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى وتركيا والبوسنة وكوسوفو وألبانيا وغيرها . وقد حكمت به دولتان كبريان من الدول التي حكمت المسلمين دولة بني العباس ودولة بني عثمان ، وقنن فقهه المدني في (مجلة الأحاك العدلية) التي ظلت أحكامها سائدة في عدد من الأقطار العربية والإسلامية إلى عهد قريب ، فمن أخذ باجتهاد هذا المذهب مرجحاً له ، مقتنعاً به ، فهذا حقه ، بل هذا واجبه ، ولم يحد عن سواء الصراط ولا جناح عليه ، ومن كان يجيز التقليد بإطلاق ، كما هو شأن أكثر المتأخرين ، فهذا من المذاهب التي يسوغ تقليدها ، وقد خدمه علماء كبار في شتى الأقطار . ولا يتسع المجال هنا لتفصيل أدلة الحنفية على مذهبهم وموقف خصومهم منها ، فالمجال لا يتسع لذلك هنا ، وقد ذكرنا أن أبا حنيفة وصاحبه محمدا لم ينفردا بهذا القول ، بل شاركهما غيرهما من كبار الأئمة وحسبنا منهم الإمامان إبراهيم النخعي وسفيان الثوري ، وقد قال مولانا  ظفر أحمد  العثماني في "إعلاء السنن" وبالجملة : فقول أبي حنيفة ومحمد بن الحسن في ذها الباب أقوى ما يكون رواية ودراية وليس مبناه على مرسل مكحول وحده ، كما هو ظن الأكثرين من العلماء والمصنفين ، بل له على ذلك  دلائل عديدة قوية ، واضحة الدلالة على صحة ما قاله ، وله سلف فيه من إبراهيم النخعي في جواز الربا في دار الحرب ، ومن ابن عباس رضي الله عنهما - في جواز الربا بين العبد وسيده  ، ووافقه على كل ذلك سفيان الثوري ، ولو لا ثبوت ذلك بالآثار ، وأقوال الصحابة والتابعين لما وافقه سفيان على  مثل هذا القول أبداً . (إعلاء السنن 14/414) .

 

فتوى المجلس الأوروبي للافتاء والبحوث :

ومن هذه الفتاوى فتوى جماعية مهمة صدرت من (المجلس الأوروبي للافتاء والبحوث) في دورته الرابعة المنعقدة في مدينة (دابلن) بجمهورية إيرلندا في شهر رجب 1420هـ الموافق أكتوبر سنة 1999م وهذا نصها . نظر المجلس في القضية التي عمت بها البلوى في أوروبا وفي بلاد الغرب كلها ، وهي قضية المنازل التي تشتري بقرض ربوي بواسطة البنوك التقليدية . وقد قدمت إلى المجلس عدة أوراق في الموضوع ما بين مؤيد ومعارض قرئت على المجلس ثم ناقشها جميع الأعضاء مناقشة مستفيضة انتهى بعدها بأغلبية أعضائه إلى ما يلي :

1. يؤكد المجلس على ما أجمعت عليه الأمة من حرمة الربا ، وأنه من السبع الموبقات ، من الكبائر التي تؤذن بحرب من الله ورسوله ويؤكد ما قررته المجامع الفقهية الإسلامية من أن فوائد البنوك هي الربا الحرام .

2. يناشد المجلس أبناء المسملمين في الغرب أن يجتهدوا في ايجاد البدائل الشرعية ، التي لا شبهة فيها ، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا مثل بيع المرابحة الذي تستخدمه البنوك الإسلامية ومثل تأسيس شرككات إسلامية تنشئ مثل هذه البيوت بشروط ميسرة مقدورة لجمهور المسلمين ، وغير ذلك .

3. كما يدعو التجمعات الإسلامية في أوروبا أن تفاوض البنوك الأوروبية التقليدية لتحويل هذه المعاملة إلى صيغة مقبولة شرعاً مثل بيع التقسيط الذي يزاد فيه الثمن مقابل الزيادة في الأجل ، فإن هذا سيجلب لهم عدداً كبيراً من المسلمين يتعامل معهم على أساس هذه الطريقة ، وهو ما يجري به العمل في بعض الأقطار الأوروبية ، وقد رأينا عدداً من البنوك الغربية الكبرى تفتح فروعاً لها في بلادنا العربية تتعامل وفق الشريعة الإسلامية ، كما في البحرين وغيرها .

ويمكن للمجلس أن يساعد في ذلك بإرسال نداء إلى هذه البنوك لتعديل سلوكها مع المسلمين .

4. وإذا لم يكن هذا ولا ذاك ميسراً في الوقت الحاضر ، فإن المجلس في ضوء الأدلة والقواعد والاعتبارات الشرعية ، لا يرى بأساً من اللجوء إلى هذه الوسيلة ، وهي القرض الربوي لشراء بيت يحتاج إليه المسلم لسكناه هو وأسرته ، بشرط ألا يكون لديه بيت آخر يغنيه ، وأن يكون هو مسكنه الأساسي ، وألا يكون عنده من فائض المال ما يمكنه من شرائه بغير هذه الوسيلة وقد اعتمد المجلس في فتواه على مرتكزين أساسيين :

المرتكز الأول :

قاعدة  (الضروروات تبيح المحظورات) وهي قاعدة متفق عليها ، مأخوذة من نصوص القرآن في خمسة مواضع ، منها قوله تعالى في سورة الأنعام (وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه) الآية 119 ومنها قوله تعالى في نفس السورة بعد ذكر محرمات الأطعمة : (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم) الآية 145 ، ومما قرره الفقهاء هنا أن الحاجة قد تنزل منزلة الضرورة خاصة كانت أو عامة .

والحاجة هي التي إذا لم تتحقق يكون المسلم في حرج وإن كان يستطيع أن يعيش بخلاف الضرورة التي لا يستطيع أن يعيش بدونها ، والله تعالى رفع الحرج عن هذه الأمة بنصوص القرآن كما في قوله تعالى في سورة الحج (وما جعل عليكم في الدين من حرج) ، وفي سورة المائدة (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج) الآية 6 . والمسكن الذي يدفع عن المسلم الحرج هو المسكن المناسب له في موقعه وفي سعته وفي مرافقه ، بحيث يكون سكناً حقاً .

وإذا كان المجلس قد اعتمد على قاعدة الضرورة أو الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة فإنه لم ينس القاعدة الأخرى الضابطة والمكملة لها وهي أن ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها فلم  يجز تملك البيوت للتجارة ونحوها .

والمسكن ولا شك ضرورة للفرد المسلم وللأسرة المسلمة وقد امتن الله بذلك على عباده  حين قال : (والله جعل لكم من بيوتكم سكناً) النحل :80 وجعل النبي صلى الله عليه وسلم المسكن الواسع عنصراً من عناصر السعادة الأربعة أو الثلاثة ، والمسكن المستأجر لا يلبي كل حاجة المسلم ، ولا يشعره بالأمان ، وإن كان يكلف المسلم كثيراً بما يدفعه لغير المسلم ، ويظل سنوات يدفع أجرته ولا يملك منه حجراً واحداً ، ومع هذا يظل المسلم عرضة للطرد من هذا المسكن إذا كثر عياله أو كثر ضيوفه ، كما أنه إذا كبرت سنه أو قل دخله أو انقطع يصبح عرضة لأن يرمى به في الطريق . وتملك المسكن يكفي المسلم  هذا الهم كما أنه يمكنه أن يختار المسكن قريباً من المسجد والمركز الإسلامي ، والمدرسة الإسلامية ويهيئ فرصة للمجموعة المسلمة أن تتقارب في مساكنها عسى أن  تنشئ لها مجتمعاً صغيراً داخل المجتمع الكبير ، فيتعارف فيه أبناؤهم ، وتقوى روابطهم ويتعانون على العيش في ظل مفاهيم الإسلام وقيمه العليا . كما أن هذا يمكن المسلم من إعداد بيته وترتيبه بما يلبي حاجته الدينية والاجتماعية ما دام مملوكاً له ، وهناك إلى جانب هذه الحاجة الفردية لكل مسلم الحاجة العامة لجماعة المسلمين الذين يعيشون أقلية خارج دار الإسلام ، وهي تتمثل في تحسين أحوالهم المعيشية حتى يرتفع مستواهم  ويكونوا أهلاً للانتماء إلى خير أمة أخرجت للناس ويغدوا صورة مشرقة للإسلام  أمام غير المسلمين ، كما تتمثل في أن يتحرروا من الضغوط الاقتصادية عليهم ، ليقوموا بواجب الدعوة ويساهموا في بناء المجتمع العام ، وهذا يقتضي ألا يظل المسلم يكد طول عمره من أجل دفع قيمة إيجار بيته ونفقات عيئه ، ولا يجد فرصة لخدمة مجتمعه أو نشر دعوته .

المرتكز الثاني : وهو مكمل للمرتكز الأول الأساسي :

هو ما ذهب إليه أبو حنيفة وصاحبه محمد بن الحسن الشيباني وهو المفتي به في المذهب الحنفي وكذلك سفيان الثوري وإبراهيم النخعي ، وهو رواية عن أحمد بن حنبل ، ورجحها ابن تيمية - فيما ذكره بعض الحنابلة - من جواز التعامل بالربا - و;غيره من العقود الفاسدة - بين المسلمين وغيرهم في غير دار الإسلام .

ويرجح الأخذ بهذا هنا عدة اعتبارات منها :

1. أن المسلم غير مكلف شرعاً أن يقيم أحكام الشرع المدنية والمالية والسياسية ونحوها مما يتعلق بالنظام العام في مجتمع لا يؤمن بالإسلام ، لأن هذا ليس في وسعه ، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، وتحريم الربا هو من هذه الأحكام التي تتعلق بهوية المجتمع ، وفلسفة الدولة ، واتجاهها الاجتماعي والاقتصادي .

وإنما يطالب المسلم بإقامة الأحكام التي تخصه فرداً مثل أحكام العبادات وأحكام المطعومات والمشروبات والملبوسات وما يتعلق بالزواج والطلاق والرجعة والعدة والميراث وغيرها ن الأحوال الشخصية ، بحيث لو ضيق عليه في هذه الأمور ولم يستطع بحال إقامة دينه فيها لوجب عليه أن يهاجر إلى ارض الله الواسعة ما وجد إلى ذلك سبيلا .

2. أن المسلم غذا لم يتعامل بهذه العقود الفاسدة ومنها عقد الربا في دار القوم سيؤدي ذلك بالمسلم إلى أن يكون التزامه بالإسلام سبباً لضعفه اقتصادياً وخسارته مالياً والمفروض أن الإسلام يقوي المسلم ولا يضعفه ويزيده ولا ينقصه وينفعه ولا يضره ، وقد احتج بعض علماء السلف على جواز توريث المسلم من غير المسلم بحديث "الإسلام يزيد ولا ينقص" أي يزيد المسلم ولا ينقصه ومثله "حديث" الإسلام يعلو ولا يعلى" وهو إذا لم يتعامل بهذه العقود التي يتراضونها بينهم سيضطر إلى أن يعطي ما يطلب منه ولا يأخذ مقابله فهو ينفذ هذه القوانين والعقود فيما يكون عليه من مغارم ، ولا ينفذها فيما يكون له من مغانم ،  فعليه الغرم دائماً وليس له الغنم ، وبهذا يظل المسلم أبداً مظلوماً مالياً بسبب التزامه بالإسلام ، والإسلام لا يقصد أبداً إلى أن يظلم المسلم  بالتزامه به ، وأن يتركه - في غير دار الإسلام - لغير المسلم ، يمتصه ويستفيد منه ، في حين يحرم على المسلم أن ينتفع من معاملة غير المسلم في المقابل في ضوء العقودالسائدة ، والمعترف بها عندهم .

وما يقال من أن مذهب الحنفية إنما يجيز التعامل بالربا في حالة الأخذ لا الإعطاء لأنه لا فائدة للمسلم في الإعطاء وهم لا يجيزون التعامل بالعقود الفاسدة إلا بشرطين : الأول : أن يكون فيها منفعة للمسلم ، والثاني : ألا يكون فيها غدر ولا خيانة لغير المسلم وهنا لم تتحقق المنفعة للمسلم .

فالجواب : إن هذا غير مسلم ، كما يدل عليه قول محمد بن الحسن الشيباني في السير الكبير ، وإطلاق المتقدمين من علماء المذهب ، كما أن المسلم وإن كان يعطي الفائدة هنا فهو المستفيد إذ به يتملك المنزل في النهاية  وقد أكد المسلمون الذين يعيشون في هذه الديار بالسماع المباشر منهم وبالمراسلة أن الأقساط التي يدفعونها للبنك بقدر الأجرة التي يدفعونها للمالك ، بل أحياناً تكون أقل ، ومعنى هذا أننا إذا حرمنا التعامل هنا بالفائدة مع البنك حرمنا المسلم من امتلاك مسكن له ولأسرته ، وهو من الحاجات الأصلية للإنسان كما يعبر الفقهاء ، وربما يظل عشرين أو ثلاثين سنة أو أكثر ، يدفع إيجاراً شهرياً أو سنوياً ولا يملك شيئاً ، على حين كان يمكنه في خلال عشرين سنة وربما أقل أن يملك البيت .

فلو لم يكن هذا التعامل جائزاً على مذهب أبي حنيفة ومن وافقه لكان جائزاً عند الجميع للحاجة التي تنزل أحياناً منزلة الضرورة في إباحة المحظور بها ، ولا سيما أن المسلم هنا إنما يؤكل الربا ولا يأكله ، أي هو يعطي الفائدة ولا يأخذها والأصل في التحريم منصب على (أكل الربا) كما نطقت به آيات القرآن وإنما حرم الإيكال سداً للذريعة كما حرمت الكتابة له والشهادة عليه ، فهو من باب تحريم الوسائل لا تحريم المقاصد . ومن المعلوم أن أكل الربا المحرم لا يجوز بحال ، أما إيكاله - بمعنى إعطاء الفائدة - فيجوز للحاجة ، وقد نص على ذلك الفقهاء ، وأجازوا الاستقراض بالربا للحاجة إذا سدت في وجهه أبوبا الحلال . ومن القواعد الشهيرة هنا أن ما حرم لذاته لا يباح إلا بالضرورة ، وما حرم لسد الذريعة يباح للحاجة والله الموفق .

 

تعقيب بعض أعضاء المجلس الأوروبي :

هذا وقد نشرت جريدة الشرق الأوسط تعقيباً لعضوين من أعضاء المجلس هذا نصه :

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد : فقد اطلع الموقعان على هذه المخالفة العلمية على القرار المتعلق بشراء البيوت عن طريق القروض الربوية الذي أقرته أكثرية أعضاء المجلس ويريان إثبات مخالفتهما التالية : 

أولاً : حول مسوغات القرار : يرى عضوا المجلس الموقعان على هذه المخالفة أن شراء البيوت عن طريق القروض الربوية من البنوك أو غيرها محرم شرعاً وأن الحجج التي سيقت لجواز ذلك لا تقوي إلى إباحته للأسباب التالية :

1- عدم انطباق هذه الحالة على مذهب الأحناف ، لأن المرجح عندهم أن العتعامل بالربا كما رجحه محققو الحنفية كالكمال بن الهمام في فتح القدير ، وابن عابدين في رد المحتار - أن يكون المسلم هو الآخذ للربا ، وأن يقع التعامل مع الحربي في دار الحرب عن تراض منهما ، وإن الشرطين الأولين غير متوفرين ، لأن الدول الأوروبية ليست دار حرب ، والمسلم  في هذه الحالة هو المعطي لا الآخذ ، فاختلفت العلة التي استند القرار إليها ، وإن حاول تعميم الشرط الثاني منهما  على الآخذ والمعطي على حد سواء . يضاف إلى ذلك أن الأدلة التي ساقها الحنفية في هذه المسألة لا تقوم بها الحجة ، ولا تتسع هذه المخالفة المختصرة لإيراد ما قاله العلماء فيها ومنهم بعض علماء الحنفية . أما ما يقال : إن التقسيم عند الحنفية ثنائي لا ثلاثي فإما أن تكون الدار دار إسلام ، وإما أن ك

تكون دار حب ، فلا يعكر على ما ذهبنا إليه من عدم جواز هذه المعاملة لأنهم  يرون أن دار الكفر قد تكون دار أمان ، وقد لا تكون كذلك ، وإذا كانت دار أمان لم تحل فيها هذه المعاملة .

2- والسبب الثاني في عدم جواز هذه المعاملة الربوية هو عدم تحقق الضرورة التي تدعو إليها تلك المعاملة الربوية سواء أكانت فردية أو جماعية لانعدام شروط الضرورة المعتبرة شرعاً وهي :

أ) أن تكون واقعة لا منتظرة ، بأن يتحقق أو يغلب على الظن وجود خطر حقيقي على الدين أو النفس أو العقل ، أو النسل أو المال .

ب) وأن تكون ملجئة بحيث يخاف الإنسان هلاك نفسه ، أو قطع عضو من أعضائه أو تعطل منفعته إن ترك المحظور .

ج) وأن لا يجد المضطر طريقاً آخر غير المحظور .

وإن الجالية الإسلامية لم يصل بها الحال في أي بلد أوروبي تعيش فيه إلى هذا الحد أو قريب منه ، يضاف إلى ذلك توفر المساكن المتوفرة غالباً في هذه الدول بما تتدفع معه تلك الضرورة .

3- وبحكم إقامتنا في أوروبا فإننا لا نرى هناك حاجة هامة تنزل منزلة الضرورة بحيث تلجأ الجالية المسلمة إلى هذه المعاملة الربوية فضلاً عما ذهب إليه القرار من جواز الاقتراض بالربا لتوفير السكن المناسب في سعته وموقعه .

4- ونرى أن الضعف الاقتصادي للجالية المسلمة الذي أشار إليه القرار ليس لعدم تعاملها بهذه المعاملات الربوية ، ولكنه لتفرق كلمتها وعدم توظيف أموالها ووضعها إياها في المصارف الربوية التي تزيدها قوة إلى قوتها ، وإبتزازاً إلى ابتزازها .

5- سكوت القرار عن بيان الحكم الشرعي في شراء غير البيوت عن طريق الاقتراض بالربا ، وهذا ما سيؤدي بالكثير من أفراد الجالية الإسلامية إلى الجرأة على التعامل بالربا الصريح في أروبا استناداً على هذه الفتوى .

ثانياً : الفتوى التي نراها : إن الموقعين على هذه المخالفة العلمية يرون أن شراء البيوت بقروض ربوية في أوروبا لا تدعو إليه ضرورة ، ولا تدفع إليه حاجة تنزل منزلة الضرورة ، ويرون أن هذه الطريقة محرمة شرعاً ، ولا يصح الإقدام عليها إلا إذا لم يجد الإنسان بيتاً يسكنه ولو عن طريق الإيجار المناسب ، وليس لديه مال يشتري به ذلك السكن ، أو لم يجد من يقرضه قرضاً حسناً أو لم يجد وسيلة شرعية أخرى تعينه على الشراء كبيع المرابحة الذي تكون في الزيادة في الثمن مقابل الزيادة في الأجل ، وأن لا تتجاوز المسكن الذي يشتريه حدود الحاجة كأن تكون غرفة ومرافقه أكثر مما يحتاج إليه ، أو يكون ذاا مواصفات عالية تتطلب مبلغاً فوق الحاجة .

ردنا على هذا التعقيب :

وقد رددنا على هذا التعقيب الغريب في صحيفة الشرق الأوسط نفسها ، وقد نشرته تحت هذا العنوان : الشيخ القرضاوي : تقدير حاجات الناس ليس في يد الفقيه وحده . وقالت الصحيفة : نفي الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي رئيس المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث أن يكون قرار المجلس بشأن جواز شراء البيوت بقروض ربوية في غير بلاد المسلمين قد ركز على المذهب الحنفي في مسوغاه الفقهية ، فالمجلس لم يركز عليه بل ذكره تقوية واستئناساً بينما الدليل الذي ركز عليه المجلس هو "الحاجة" التي قد تنزل منزلة الضرورة لدى الأقليات المسلمة في بلاد غير المسلمين .

وقال الشيخ الدكتور القرضاوي لـ الشرق الأوسط : إن المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث قد أصدر قراره بشأن شراء البيوت بعد أن قدمت إليه بحوث من بعض الأعضاء وقرئت عليه ، ونوقش الموضوع مناقشة حرة مستفيضة ، وأدلى كل عضو بدلوه في حرية تامة مؤيداً كان أم معارضاً ، ثم اتخذ المجلس قراره بالأغلبية ، كما هي لائحة المجلس ، وكانت أغلبية ساحقة ولله الحمد ، وقد جرت المجامع الفقهية على هذه السنة من حيث صدور القرار بالأغلبية وبعضها لا يذكر المخالفين قط ، كما هو الشأن في مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي ، وبعضهم يسمح للعضو المتحفظ أو المخالف أن يذكر في محضر الجلسة تحفظه ومخالفته ، كما في المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة ، ويصدر القرار باسم الجميع ، وهو ما جرينا عليه في مجلسنا الأوروبي للإفتاء والبحوث : أن يذكر العضو تحفظه إن رغب ، بل هذا ما تجري عليه كل مجالس ومؤسسات العالم في الشرق والغرب ، في مجالس الوزراء أو في مجالس النواب أو في مجالس الإفتاء ، أو في مجامع البحوث ، وغيرها ، ما رأينا في مجمع من المجامع الفقهية في العالم الإسلامي أن يخرج العضو المخالف برأي ينشره في الصحف ويشنع به على إخوانه وزملائه ممن لا يقلون عنه علماً ولا ورعاً إن لم يزيدوا عليه . أما عن البيان الذي أصدره ثلاثة من أعضاء المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث يثبتون فيه مخالفتهم لقرار المجلس بشأن جواز شراء المنازل بقروض ربوية في غير بلاد المسلمين فيقول الشيخ القرضاوي : "ليس هذا من أخلاقيات العمل الجماعي والمؤسسي بحال ن الأحوال . وللأسف ، إن العضو الذي أثار هذه الحملة المستغربة واستتبع غيره ، لم يكن أميناً في نقده ومخالفته التي سماها (علمية) لأنه ذكر أشياء لم تغب عن بال المجلس ، بل كلها ذكر بوضوح ونوش ورد عليه ، ونقده هذا مليء بالأغلاط والمغالطات ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وقد ركز على المذهب الحنفي والمجلس لم يركز عليه ، بل ذكره تقوية واستئناساً وقد كان عدد من الأعضاء طلبوا حذف الاستدلال به ، خشية أن يستغله بعض الناس كما حدث ، والدليل الذي ركز عليه المجلس هو (الحاجة) التي قد تنزل منزلة الضرورة ونعني بها حاجة الأقليات الإسلامية في ديار الاغتراب إلى ملك بيوت للسكن وتقدير هذه الحاجة ليس في يد الفقيه وحده ، فهي ليست مسألة شرعية ، بل يرجع فيها إلى الحبراء والعارفين بمعاناة الناس ، بل يرجع فيها إلى الناس أنفسهم " . على أنه ليس من حق عالم أن يدعي أنه وحده أعرف بحاجات الناس ن سائر زملائه ، بل أعرف بحاجات الناس من الناس أنفسهم ، والعالم الحق هو المتواضع الذي يحترم عقول الآخرين وخصوصاً من إخوانه وزملائه كما يحترم دينهم وخشيتهم لربهم ، وليس الميسر على العباد بأقل ديناً وورعاً من المعسر عليهم .

 

بيان رابطة علماء الشريعة في أمريكا :

ويؤكد هذا أيضاً البيان الذي أصدره مؤتمر رابطة علماء الشريعة في أمريكا الشمالية ، النعقد في الفترة من 10-13من شعبان 1420هـ الموافق 19-22نوفمبر1999م وهذا نصه : استعرض المشاركون في المؤتمر المشكلة التي يعاني منها المقيمون في أمريكا للحصول على بيت للسكن في ضوء التطبيقات المتبعة وهي الاستئجارأو التملك عن طريق القروض وانتهوا إلى ما يلي :

أولاً : يوصي المؤتمر المسلمين المقيمين في بلاد الغرب والمؤسسات الاستثمارية في البلاد الإسلامية بالآتي :

أ) العمل على توفير البدائل الإسلامية لحل مشكلة تمويل المساكن عن طريق إيجاد العدد الكافي من المؤسسات المالية الإسلامية أو الجمعيات التعاونية الإسكانية (التي يؤمل منها أن تراعي ظروف واحتياجات ذوي الدخل المحدود) وذلك للخروج من حالة الرخصة والضرورة إلى حالة العزيمة والاختيار .

ب) العمل على دعم وتقوية المؤسسات الإسلامية الناشئة التي تعمل وفق أحكام معاملات الفقه الإسلامي لتمكينها من إيجاد البدائل السابقة .

ج) دراسة العقود التي يجري العمل بها حالياً لتمويل المساكن في البنوك التقليدية للوصول إلى صيغة لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية والعمل على إقناع البنوك بالتعامل بها .

ثانياً أ) المسكن هو إحدى الحاجات الضرورية التي لا بد من توفيرها سواء أكان ذلك بالاستئجار أو التملك . ب) استئجار المسكن للمسلم المقيم في أمريكا لا يخلو من عقبات كثيرة منها ما يتعلق بحجم الأسرة أو اختيار الموقع المناسب للسكن أو تحكم أرباب البيوت بالمستأجرين. ج) إن الطريقة المتاحة حالياً لتملك السكن عن طريق التسهيلات البنكية بسداد الثمن إلى البائع وتقسيطه على المشتري هو في الأصل من الربا ، ولا يجوز للمسلم الإقدام عليه إذا وجد بديلاً شرعياً ، يسد حاجته كالتعاقد مع شركة تقدم تمويلاً على أساس بيع الأجل أو المرابحة أو المشاركة المتناقصة أو غيرها . . د) إذا لم يوجد أحد البدائل المشروعة وأراد المسلم أن يمتلك بيتاً بطريق التسهيلات البنكية فقد ذهب أكثر المشاركين إلى جواز التملك للمسكن عن طريق التسهيلات البنكية للحاجة التي تنزل منزلة الضرورة ، أي لا بد أن يتوافر هذان المسببان : أن يكون المسلم خارج دار الإسلام ، وأن تتحقق فيه الحاجة لعامة المقيمين في خارج البلاد الإسلامية لدفع المفاسد الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية والدينية وتحقيق المصالح التي يقتضيها المحافظة على الدين والشخصية الإسلامية على أن يقتصر على بيت للسكنى الذي يحتاج إليه ، وليس للتجارة أو الاستثمار . وهناك من يرى المنع من استخدام طريقة التسهيلات البنكية ولو تحققت الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة وأنه ينبغي الاكتفاء بالاستئجار كبديل عن التملك بغض النظر عن المزايا المعروفة التي تفوت المستأجر استناداً إلى الاتجاه الفقهي الذي يرى تحريم الربا في دار الإسلام وخارجها ، وأنه لا يباح إلا للضرورة الشرعية ، وليس الحاجة ولو كانت حاجة عامة . وقد تبين من البيانات التي قدمها بعض المختصين حول العقود المطبقة حالياً لتملك المساكن أن بعض هذه العقود تقترب كثيراً من عقود بيع الأجل من حيث المضمون ، وأنه تطبق هنا قاعدة "العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني" وأن تنقيحها ممكن بتغيير المصطلحات التقليدية المستخدمة فيها . وقد أكد الجميع على حرمة الاقتراض بالفوائد البنكية لأنه من قبيل الربا المحرم ، وأن القول بجواز تملك المساكن عن طريق البنوك بالشروط السابقة إنما هو من قبيل الاستثناء ، بسبب الضرورة التي تقدر بقدرها أو الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة مع بقاء الحكم الأصلي بالحرمة .

 

تساؤل وجوابه :

وقد تساءل بعض الإخوة هنا قائلين : ألا يمكن استخدام معاملة المرابحة التي تجريها المصارف الإسلامية بديلاً عن شراء البيوت عن طريق البنك؟ والجواب عن هذا التساؤل : أنه لا توجد مصارف إسلامية في البلاد الغربية تتعامل بالمرابحة أو بغيرها . ومن ناحية أخرى ، نجد أن المرابحة - كما تجري في البنوك الإسلامية - لا تحل مشكلة امتلاك البيوت في الغرب ، كما تجري اليوم ، لأن التعامل بالمرابحة يتطلب - في البداية - دفع مبلغ نحو ثلاثين في المائة من قيمة البيت المراد تملكه كما أن البنوك الإسلامية لا تؤجل مبلغ الثمن أكثر من خمس سنوات . على حين تؤجل البنك العادية الغربية دفع الثمن إلى ثلاثين سنة تقريباً ، وهذا يسهل على الإنسان العادي الدفع لطول المدة وقلة المبلغ المطلوب .

 

بحث د. نزيه حماد :

ولقد كتب أخونا العالم الباحث الفاضل الدكتور نزيه حماد حفظه الله بحثاً موجزاً قيماً حول حكم التعامل بالربا في دار الحرب أو خارج دار الإسلام ، رجح فيه عدم الجواز ، ورد على ما استدل به الحنفية في الجواز . وأنا احترم وجهة نظره فن حق كل عالم - بل من واجبه - أن يتبنى من الآراء ما اقتنع به عقله ، وقام الدليل عنده على صحته ، ولا يمكن أحداً - كائناً من كان - أن يلزمه بالتنازل عن رأيه إلى رأي غيره . ومما يحمد للدكتور نزيه في بحثه أنه اجتهد أن يستوعب أدلة الحنفية ويرد عليها دليلاً دليلاً ، وقد استوعبها - تقريباً - ولم يفعل كما فعل كثيرون ممن اعتبروا مذهب الحنفية يعتمد على حجة واحدة هي (مرسل مكحول) فإذا ضعفوا هذا المرسل ، فقد أسقطوا المذهب بالكلية . وإنما قلت إنه استوعب أدلة الحنفية (تقريباً) لأنه لم يتناول دليلاً ذكره الإمام محمد بن الحسن في (السير) وهو ما جاء في قضية بني النضير. وكل ما أخذته على بحث أخي الدكتور نزيه أمران : الأول : أنه أخذ بـ (حرفية) المذهب الحنفي ، ولم يأخذ بمقصود المذهب أو بروح المذهب ، ويتمثل ذلك في اعتبار أن المذهب أجاز أخذ الفوائد ، وليس إعطاءها . وإذا كنا مطالبين بأن نفهم النصوص الشرعية المقدسة في ضوء مقاصدها ، ولا نقف عند ظواهرها فكيف نقف عند ظواهر نصوص الفقهاء ، ولا نغوص في مقاصدها ، ومعرفة أغوارها وروحها؟ وأنا أعلم من قراءتي لما يكتب د. حماد ومن لقاءاتي به : أنه ليس من (الظاهر الجدد) ولا من الحرفيين ، ولا نم المتزمتين . بل له بحوث جديدة ورائعة تميل إلى التيسير والتوسط ، وإن كانت خارجة على المألوف ، مثل بحثه في خطاب الضمان ، فماذا كان هنا حرفياً متزمتاً ؟ فالمقصود من المذهب الحنفي هو توفير مال المسلم وحفظه ، وعدم تركه لغيره يمتصه ويكتسب من ورائه ، في حين لا يستفيد هو شيئاً . وهو في قضيتنا هو الكاسب والمستفيد وإن كان هو دافع الفائدة . على أنا قد بينا في تعقيبنا على فتوى الشيخ الزرقا أن ما نقلوه عن المذهب الحنفي في ذلك ليس مسلماً عند المتقدمين منهم . كما أن الدكتور نزيهاً فسر دار الحرب بما لم يفسرها به الحنفية ، فعندهم دار الحرب تعني : ما ليس بدار الإسلام فتشمل دار العهد والموادعة ، إذ التقسيم للدور عندهم ثنائي ، كما هو معلوم . والأمر الثاني : أنه ألغى حاجة الأفراد المسلمين ، وحاجة الجماعة المسلمة في ديار الغرب - التي يعيش فيها منذ فترة - إلى امتلاك مساكن لهم ولعائلاتهم ، تفي بمتطلبات حياتهم ، ولا يتحكم فيهم من يملك أن يطردهم في أي وقت متى شاء وخصوصاً إذا كثر عليالهم . ولعل هذا راجع إلى أنه يقيم  في (كندا) والناس في هذا البلد أكثر رغداً وسعة من غيرهم  ، وأكثر الحاجات فيه مكفية ، والضمانات الاجتماعية كبيرة وواسعة فبنى رأيه على أن كل الأقليات في الغرب وفي العالم كله على هذا النحو من الراحة والسعة . على أن مشكلة كثير من علماء الفقه في عصرنا : أنهم يقرون قواعد الشريعة في غاية الأهمية ، مثل : الضرورات تبيح المحظورات ، الحاجة تنزل منزلة الضرورة خاصة كانت أو عامة المشقة تجلب التيسير إذا ضاق الأمر اتسع الفتوى تتغير بتغير المكان والزمان والعرف والحال إلخ تلك القواعد الجليلة ومع هذا يصعب عليهم أن ينزلوا هذه القواعد على الواقع وظني في الأخ الدكتور نزيه أنه ليس من هؤلاء .

 

حلول مقترحة من الدكتور عبدالستار أبوغدة :

في ورقته القيمة التي قدمها الدكتور عبدالستار أبو غدة الذي يعتبر أحد فقهاء المعاملات المرموقين في عصرنا لمؤتمر علماء الشريعة في أمريكا (نوفمبر 1999) قدم عدة حلول لهذه المشكلة تنبئ عن فقه دقيق ، وعن بصر عميق بالشريعة وبالواقع معاً قال سدده الله : إن الحلول المقترحة فيما تقوم كلها على اعتبار أن أصل الموضوع هو  شراء بالأجل وذلك لكون موضوع التعامل مسكناً يتم الحصول عليه نظير الثمن وليس الهدف الاقتراض من البنوك الربوية إلا أن وجود القرض الربوي سبب للحكم بالتحريم ، ذلك لأن هنالك عمليتين منفصلتين بعضها عن بعض بحسب الظاهر ، وهما عملية الشراء بالأجل ، وهي تتم بين المسلم والبائع غير المسلم (المالك الأصلي للسكن) وهي تصرف مشروع ، وعملية الحصول على المال النقدي من البنك لأداء الثمن إلى البائع وتقسيط الدين الناشئ بين المسلم المشتري والبنك وهي عملية اقتراض بالفائدة وهي تصرف محرم . والأسلوب المشروع الذي يصح التعامل به هو وجود عملية أحد طرفيها المشتري ، والطرف الآخر البائع غير المسلم ، أو البنك الربوي إذا كان له الحق في إتمام البيع مباشرة ، أو عن طريق شركة تابعة له ، وتمخض عن البيع نفسه التزام بالمديونية للبائع (الثمن المؤجل) وفيه زيادة عن الثمن الحال ، والأجل له نصيب في الثمن كما هو مقرر عند الفقهاء . وسأورد بعض الحلول المقترحة وهي قائمة على أساس الدمج بين عملية البيع وعملية التمويل من البنك وهو افتراض قيد المناقشة في ضوء التأمل في العقود المستخدمة للعملية ، وهي عقود معقدة حصلت على صورة منها غير واضحة في شكلها ومضمونها وتحتاج إلى نظرة مشتركة من الفنيين والقانونيين مع الشرعيين . على أن هذه الحلول المطروحة إذا لم تكن مطابقة لواقع العملية كما تتم فعلاً فإنه يمكن طرحها لاقتراحها على الباعة للمساكن غير المسلمين ، فربما يقبلون بها بديلاً بعد استكمال الإجراءات التي يتطلبها الحل ، استبعاد العناصر أو الشروط غير الملائمة للحل ، وهذا يتطلب جهوداً من المؤسسات المعنية مع التكاتف من المسلمين الراغبين في الحصول على المساكن لإقناع الأطراف ذات الصلة بهذه الحلول التي تحقق للبائع غير المسلم ما يتطلع إليه ، وفي الوقت نفسه تتحقق فيها الضوابط التي يطمئن إليها قلب المسلم . والسبيل إلى صلاحية هذه الحلول المقترحة هو تصحيح التكييف للعملية في شقها الثاني ، وهو الحصول على السيولة النقدية لإيصال ثمن البيع عاجلاً إلى البائع ، وتقسيطه على المشتري ، أما العملية الأولى فهي لا شك بيع بالأجل وهي لا تختلف عما إذا اشترى المسلم البيت ودفع ثمنه حالاً لو أمكنه ذلك ، لكن المشكلة هي في الشق الثاني من العملية .

فإذا أمكن تغيير التكييف للربط بصورة مشروعة بين الشراء وأداء الثمن بحيث يكون أداء الثمن للبنك هو تنفيذ للالتزام وليس وفاء بالقرض الربوي ، أو بعبارة أخرى يكون استيفاء البنك للمبالغ هو بصفته وكيلاً بالقبض عن البائع أو شريكاً له ، أو مشترياً الدين منه وسيأتي تفصيل ذلك فيما يلي :

1- اعتبار العملية شراء بالأجل مع بيع للدين بين الباعة غير المسلمين والبنك ، هذا الاقتراح المطروح للبحث والمناقشة هو للنظر في مدى إمكانية تخريج شراء البيوت من البنوك بالفائدة على أساس بيع الأجل وقد جرت الإشارة إلى هذا الأمر في ثنايا الاستفسار المعد عن الموضوع والمتضمن رصداً لما قيل بشأنه (بند / 11 من ورقة العمل) ، فبالرغم من اعتبار الأطراف غير الإسلامية لهذه المعاملة عملية ربوية ينبغي البحث هل هي شراء للبيت بالأجل؟ مع وجود اتفاق جانبي بين البائع غير المسلم والبنك الربوي على بيع الدين مع البائع إلى البنك بأقل من مقداره ، أي أن البائع غير المسلم ينقل الثمن الإجمالي المستحق له على المسلم إلى البنك لخصمه . ولا يخفى أن بيع البيت يستتبع خصم ثمنه لدى البنك وبذلك تكون هناك  عمليتان : الأولى شراء بالأجل بينه والبائع وهي جائزة . أما العملية الأخرى المحرمة (خصم الديون أو الكمبيالات) فإنها على عاتق غير المسلم والبنك الربوي دون مسؤولية مباشرة على المشتري المسلم عنها ، فهو ليس طرفاً فيها ، أما كونه سبباً غير مباشر لها ، فإن هذا الدور من المسلم يندرج في الذرائع التي لا تسد لما يترتب من حرج على سد جميع ذرائع المفاسد ، فقد قرر الفقهاء وعلماء الأصول أن هناك ذرائع لم يشرع سدها درءاً للحرج . وينتج عن هذا الطرح : اعتبار المعاملة شراء بالأجل ، عدم المسؤولية المباشرة عما يتصرف به غير المسلم  مما له صلة بتعامل المسلم معه . هذا ، ولا ينبغي استغراب وصف عملية أداء المشتري المسلم المبالغ الشهرية إلى البنك بأنها أداء للثمن (وليست وفاء بالقرض) فإن ذلك التصور قائم باعتبارين : أولهما كون موضوع العملية الحصول على عقار (مسكن) والاعتبار الثاني هو العلاقة الوثيقة بين البائع غير المسلم والبنك لإتمام العملية . وهذه العلاقة تنشأ على النحو التالي مع مراعاة إيصال الثمن كاملاً إلى البائع .

أ) قيام المالك الأصلي ببيع المسكن إلى المسلم بثمن من دفعات مؤجلة .

ب) اتفاق ضمنني بين البائع والبنك لتعجيل تلك الدفعات المؤجلة وتكييف هذا الإجراء أنه بيع الدين الذي للبائع على المشتري إلى البنك .

وهو يؤدي إلى خصم المديونية ، كما يحصل في خصم الكمبيالات أو السندات ، وحتى لو لم  تكن كمبيالات أو سندات لأمر فإن الالتزام المؤكد بالرهن بين البائع والمشتري لأمر هو في قوة الكمبيالات أو السندات حيث استعاض البائع عنها بتعهد المشتري تجاه البنك . بقيت مسألة الرهن للبيت لتأكيد المديونية الناشئة عن العملية فإذا اعتبرت بيعاً بالأجل (مع بيع المديونية من بائع المسكن إلى البنك) فلا حرج في هذا الرهن لأنه لتوثيق معاملة صحيحة ، الرهن يأخذ حكم التصرف الذي ينشأ الرهن لأجله - وتبقى قضية استمرار الرهن بعد شراء البنك المديونية من البائع للمساكن وهي تندرج فيما يقع على عهدة غير المسلم وتكون تبعته عليه لأن الدين الصحيح الموثق بالرهن إذا باعه المستفيد من الرهن (غير الملتزم بالشرع) لا يمكن للملتزم إسقاط ذلك الرهن ، لأنه لا يسقط إلا بالأداء أو بالتنازل من الدائن (المرتهن) ولعل هذا من تطبيقات القاعدة الشرعية المعروفة : "يغتفر في البقاء ما لا يغتفر في الابتداء" . بخلاف ما لو كان الرهن لتأكيد المديونية المترتبة للبنك على المشتري المسلم ، فإن الرهن لا يجوز تبعاً لحرمة الاقتراض الربوية ، فيطل في دائرة الضرورة وهو تصرف تبعي وليس كالتصرف الأصلي المحرم .

2- اعتبار العملية شراء بالجل ، والبائع والبنك مشتركان في البيع

هذا الاقتراح المقدم للبحث والمناقشة أيضاً هو للنظر في مدى إمكانية تخريج شراء البيوت للسكن من البنوك بالفائدة على أساس أن عقد البيع الذي يباشر البائع غير المسلم هو نتيجة اتفاق ضمني على المشاركة بينه وبين البنك لإتمام عملية البيع .  إذ يقوم البائع أو البنك بإبرام البيع ، ثم  يقتسمان العائد الناتج عن البيع حسب الريقة التي يتفقان عليها بالأساس الربوي المطبق بينهما دون مسؤولية مباشرة على المسلم عنها . أما كونه سبباً غير مباشر لهذه العملية فهو من الذرائع التي لا يجب سدها ، وقد  سبق الكلام عن بقية الجوانب الشرعية المتعلقة بالعملية عند طرح الحل (1) .

3- اعتبار العملية شراء بالأجل ، والبنك وكيل البائع ولو ضمنياً : هذا الاقتراح أيضاً مقدم للبحث والمناقشة ، وهو تخريج مطروح على أساس أن العملية بيع أجل ، والذي يباشر البيع هو البنك بصفته وكيلاً عن البائع ، وهي وكالة ضمنية مستندها التعامل والعرف . ويمكن أن ينظر إلى العملية أنها مكونة من بيع بالأجل بين البائع غير المسلم والمشتري المسلم ، ولكنه تم عن طريق الوكالة الضمنية بين البنك والبائع غير المسلم اقتسامهما الناتج عن البيع . وقد سبقت المعالجة للجوانب الشرعية الأخرى المتعلقة بالعملية عند الكلام عن الحل (1) . شكر الله للدكتور أبو غدة ، فقد عرض هذه الحلول المقترحة لناقشها إخوانه العلماء المختصون والمهتمون ، لعلهم يقتنعون بها أو ببعضها أو يضيفون إليها بعض الشروط أو القيود أو الضوابط ، التي تنقل الصورة الممنوعة عندهم إلى لاجواز . 

المصدر : دراسات إسلامية ، المجلد 8 العدد 1 ، رجب 1421هـ ، يوسف القرضاوي .

 

اطلعت هيئة الفتوى والرقابة الشرعية لشركة ماجستيك جلوبال انفيستمينت على الآلية المشتملة على البيانات الأساسية والخطوات التي ستتبع لاصدار صكوك اجارة باعتبارها أوراقاً مالية إسلامية للتعامل بها والتداول في السوق الثانوية وفيما يلي تلخيص لتلك الخطوات والتكييف الشرعي لها ثم إبداء الرأي الشرعي في مبدأ العملية :

أ) إن إجراءات التنظيم للعملية تتم بالاشتراك بين مؤسسات إسلامية ومؤسسات تقليدية ذات خبرة بالأوراق المالية (وهم المرتبون) وهذا الاشتراك جائز شرعاً ما دامت العملية مطابقة لأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية ، وقد صدرت في ذلك قرارات من ندوات شرعية متعددة (منها حلقة رمضان الفقهية الثالثة للبركة ، والندوة الفقهية الرابعة لبيت التمويل الكويتي ) .

ب) إن تأسيس المرتبين صندوقاً للائتمان الإسلامي هو إيجاد للوعاء الاستثماري المشترك الذي سيضم المستثمرين الراغبين في الإسهام في الصندوق ، وإدارته من قبل أمين على أساس الوكالة مبدأ مشروع (وهو يختلف عن صيغة المضاربة من حيث تحديد أجر الوكيل وعدم ربطه بالربح الفعلي) ويجب بيان الأجر عند التعاقد مع الأمين إما بمبلغ معلوم أو بنسبة من مبلغ المساهمات المعلوم .

ج) تمثيل الصكوك لموجودات عينية هي الطائرات المزمع تملك الصندوق لها فعلياً سواء ما اشتراه من شركة الطريان الماليزية (ماس) أو من شركة بوينج مباشرة يحقق الضابط الشرعي الأساسي لتداول الصكوك بأكثر من قيمتها الاسمية أو بالأجل طبقاً لقرار مجمع الفقه الإسلامي (5) للدورة الرابعة ، من حيث تعليق إمكانية التداول على الوقت الذي تتوافر فيه نسبة أصول عينية لا تقل عن 51% من موجودات الصندوق ، مع استمرار المحافظة على تلك النسبة ، وإن شراء الطائرات من (ماس) خالية من أي حق أو رهن يؤمن له من تحمل الصندوق الضمان لأي مديونية ربوية ، كما إن انتقال الملكية الفعلية للطائرات بعد عقد بيعها من ماس إلى الصندوق يدرأ أي شبهة في تملك الصندوق لها فعلياً وبالتالي تحمل غرمها واستحقاق غنمها .

د) إنشاء المرتبين لشركة تأجير تملكها أطراف مختلفة عنهم وعن الصندوق وعن (ماس) يحقق الصفة الحقيقية لتصرف شركة التأجير في الاستئجار للطائرات وإعادة التأجير لها ولا تمنع من ذلك ملكية (ماس) لنسبة 16% بصفة غير مباشرة نظراً لاختلاف المالكين لماس ولشركة التأجير ، ولاختلاف الشخصية المعنوية لكل منهما ويتيح ذلك أيضاً إمكانية تقديم المرتبين الخدمات لماس بأجر التنظيم  استئجارها الطائرات من شركة التأجير .

هـ) إن تحمل شركة الطيران الماليزية لعمولة المرتبين هو بموجب قيامهم  بالوساطة (السمسرة) بينها وبين البنوك المنشئة لصندوق الغرض الخاص ، ومن الجائز اشتراط العمولة على أحد الطرفين المتوسط بينهما أو على كليهما .

و) إن ضمان شركة الطيران الماليزية شركة التأجير لصالح صندوق الغرض الخاص هو بموجب كفالة صادرة مجاناً دون مقابل ، وهي تغطي الالتزامات التي تترتب على شركة التأجير لصالح الصندوق سواء بدفع الأجرة المستحقة له على شركة التأجير في حالة سريان عقد التأجير أو في حال نكولها عن الوعد بتجديد التأجير بتحمل الفرق بين الايجار للغير وبين جدول الايجار .

ز) إن المواعدة على إمكانية تبديل أي طائرة مؤجرة بأخرى ذات مواصفات وشروط مماثلة هي تواعد على الفسخ الاتفاقي في حينه لاجارة العين القائمة والتأجير للعين البديلة مأخوذ في الاعتبار تغير نسبة الملكية الناشي عن تملك الصندوق الأعيان المؤجرة إلى شركة التأجير تدريجياً ويتم هذا التبديل إما مباشرة من الصندوق بالاتفاق أو بتوكيل الصندوق لشركة التأجير للقيام بذلك .

ح) ظهور شركة التأجير بمظهر (المالك) لأغراض تسجيل الطائرات مع أنه إجرائي يجب ألا يخل بملكية الصندوق لها ويجب إعطاء الشركة للصندوق سند ضد لتأكيد كونه مالكاً فعلياً للطائرات لحماية حقوقه .

ط) مراعاة التناسب بين مدة الصندوق (أو الباقي منها) وبين مدة تأجيره الطائرات إلى شركة التأجير يتيح تصفية الصكوك عند انتهاء مدة الصندوق ، كما أن تناسب مدة التأجير بينهما مع مدة التاجير من الباطن بين شركة التأجير وبين ماس يحقق ملكية المؤجر للمنفعة التي يعيد تأجيرها . وإعادة التأجير لمن كان مالكاً سابقاً للعين المؤجرة جائز شرعاً حتى لو كان معه وعد بالتمليك (وهو وعد ملزم  للمستأجر فقط) لأن الوعد ليس بيعاً فلا يشتبه ببيع العينة ، كما أنه يتم بعد مدة تتغير فيها الأسعار وقد لا يحصل أصلا .

ي) بيع الأعيان المؤجرة إلى غير مستأجرها جائز ما دام يتم بموافقة المستأجر إما باستمراره في استيفاء المنفعة أو  بتنازله عن حقه في ملكية المنفعة لبقية المدة  ولا مانع من توكيل الصندوق للمستأجر نفسه (شركة التأجير) ببيع العين المؤجرة ، لقاء أجرة عن الوكالة أو بدون أجرة مع مراعاة حق المستأجر (الوكيل) في إستمرار الاجارة أو التنازل عنها .

ك) يجب أن يطبق على عملية التأجير المنتهي بالتمليك جميع أحكام الإجارة وبخاصة ما يتعلق بتحمل المالك (المؤجر) قسط التأمين ، والصيانة الأساسية التي يتوقف عليها وجود المنفعة ، ولا يتوقف تطبيق أحكام  الإجارة إلا بحصول الملك  فعلاً للمستأجر بالبيع أو الهبة .

ل) يلتزم في تحديد الأجرة بالمبلغ المذكور في العقد عليه بين الطرفين ولا مانع من استخدام مؤشر الفائدة لتحديد الأجرة ، كما أن تغيير الأجرة - باتفاق الطرفين - عند كل فترة من المدة الكاملة للوعد بالايجار مقبول شرعاً ، وفضلاً عن ذلك يمكن بعد  تحديد أجرة الفترة الأولى اعتماد أجرة المثل (متوسط أسعار التأجير) للفترات التالية طبقاً لفتوى حلقة رمضان الفقهية الخامسة للبركة ، ولا مانع أيضاً من التغيير الاجرائي لشركة التأجير ما دامت الشركة البديلة مملوكة لنفس المالكين السابقين .

م) في حالة الاختلاف بشأن المبلغ الذي يجدد به عقد الإجارة لأي فترة لاحقة هناك ثلاثة خيارات مرتبة بحسب الأولوية من وجهة النظر الشرعية وهي :

1- عدم تجديد عقد الإجارة وتأجير الطائرات للغير وتحميل شركة التأجير الفرق بين الأجرة الجديدة وبين ما هو مبين في جدول الإيجار .

2- عدم تجيد عقد الإجارة ، وبيع الطائرات لشركة التأجير بالمبلغ المحدد في جدول استرداد الأصول (ثمن الطائرات) دون إضافة أي ربح .

3- تجديد الإجارة لفترة واحدة بالأجرة الكبيرة المحددة في الجدول المستخدم لتدارك هذه الحالة ثم تمليك الطائرات للشركة مجاناً أو بثمن رمزي .

ن) لا مانع من تحديد عائد (متوقع) من الاستثمار ، بالنظر إلى الأجرة المحددة للأعيان المملوكة للصندوق ، على أن يخصص للمستثمرين جميع الربح المحقق فعلياً بعد حسم المصاريف بما في ذلك أجرة الأمين .

س) عند الإحالة إلى القضاء أو القانون في أي دولة يجب تقييد تطبيق القانون أو الأحكام القضائية بعدم  مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية .

الخلاصة : توافق هيئة الرقابة على مبدأ إصدار صكوك التأجير القابلة للتداول بالقواعد والضوابط الشرعية المشار إليها باعتبار ذلك صيغة استثمارية مشروعة إلى ملكية المستثمرين للمعدات المؤجرة وما ينتج عنها من عائد يوزع بالنسب المتفق عليها ، ولا بد من مرعاة الأحكام الشرعية عند وضع الأنظمة واللوائح والنشرات والعقود للخطوات المشار إليها بداءاً من الاتفاق بين المرتبين وانتهاء بطريقة تصفية الصكوك ، وعرض ذلك كله على الهيئة لاعتماده قبل العمل به  ، والهيئة ترى في هذه الصكوك أحد البدائل المشروعة لسندات الدين المحرمة ، وإصدارها يساهم  في إيجاد السوق الثانوية لتمكين المستثمرين من استرداد أموالهم  عند الحاجة  ببيع الصكوك (تسييلها) كما أن النشاط الذي تغطيه هذه الصكوك يوفر استمرار المرافق الضرورية من خلال التعاون لايجاد التنمية الحقيقية للموارد والخدمات .

المصدر : شركة ماجستيك جلوبال انفيستمينت أ اعتماد أعضاء هيئة الرقابة الشرعية ، الشيخ محمد تقي عثماني  ، والشيخ عبدالله بن سليمان المنيع ، والدكتور علي محي الدين القره داغي والدكتور خالد مذكور المذكور والدكتور عبدالله إبراهيم أحمد والدكتور عبدالستار أبوغدة والدكتور يوسف القرضاوي .

 

السؤال : الاجارة الموصوفة في الذمة ، بديلاً عن وعد العميل باستئجار ما سيتملكه البنك

الجواب : يجوز للبنك ان يتفق مع العميل الراغب في استئجار ما سيتملكه البنك على عقد إجارة موصوفة في الذمة ، ليستوفي العميل المنفعة في الموعد الذي تضاف إليه الإجارة بعد تملك البنك للعين بما يطابق وصفها في العقد ، وتصلح هذه الإجارة الموصوفة في الذمة بديلاً عن الوعد الملزم من العميل باستئجار ما سيتملكه البنك ويمكن تطبيقها في افجارة والإجارة المنتهية بالتمليك .

المصدر : ندوة البركة الخامسة عشر للاقتصاد الإسلامي ، 15/3 .

 

السؤال : إعادة هيكلة الشركات لتحويلها للتعامل المشروع

الجواب : إعادة هيكلة الشركات لتحويلها للتعامل المشروع يقصد بها  التخطيط واتخاذ الإجراءات التي يتطلبها تصحيح مسار الشركة شرعاً وتلخيصها من آثار المعاملات المحرمة السابقة مع مراعاة الحافظ على مراكزها  المالية والالتزام في المعاملات الجديدة بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية . ويتم ذلك بإحدى الصورتين التاليتين :

1- ان تقوم إدارة الشركة نفسها بإعادة  الهيكلة ، أو أن تعهد بذلك إلى جهة خبرة .

2- أن تقوم جهة راغبة في توجيه الشركة الوجهة الإسلامية بشراء الشركة بقصد تحقيق التزامها بالشريعة الإسلامية .

وقد انتهى المشاركون في الندوة إلى أن إعادة هيكلة الشركات بهدف تخليصها من التعامل المحرم أمر مطلوب شرعاً لما فيه من تغيير المنكر وتطيب الكسب ، وأن على القادرين على القيام بهذه المهمة المبادرة لأدائها .

المصدر : ندوة البركة الخامسة عشرة للاقتصاد الإسلامي ، 15/5

 

السؤال : مساهمة الواعد بالاستئجار في الإجارة المنتهية بالتمليك بحصة من ثمن العين المؤجرة

الجواب : أ) إذا طلب البنك من العميل الراغب في استئجار ما سيتملكه البنك أن يدفع مبلغاً من ثمن العين المؤجرة فإن هذا يجوز على أساس أن يملك العميل حصة من العين بنسبة ما دفعه من  ثمنها . ب) يترتب على إسهام العميل في ثمن العين التي يشتريها البنك لإيجارها له أن يصبح العميل شريكاً للمصرف في العين شركة ملك بنسبة إسهمه فإذا أجر المصرف العين إلى العميل فإن الإجارة تقتصر على نصيب المصرف فقط أما نصيب المستأجر في العين فإنه لا ترد الإجارة عليه لملكه الأصل والمنفعة والإنسان لا يستأجر ملكه . ج) ويجوز أن ينص في عقد الإجارة على أن المبلغ المدفوع مقدماً هو دفعة معجلة من الأجرة وحينئذ إما أن يطلق النص فيكون المبلغ المعجل جزءاً من أجرة جميع المدة ، فإذا فسخت الإجارة استحق المؤجر من المبلغ المعجل ما يتناسب مع المدة المنتفع بها بالإضافة لأجرة تلك المدة وإما أن ينص على أن المبلغ المدفوع مقدماً أجرة لفترة من بداية مدة العقد فيستحق المؤجر ذلك المبلغ بمجرد الانتفاع بتلك الفترة .

المصدر : ندوة البركة الخامسة عشرة للاقتصاد الإسلامي 15/7 .

  © جميع حقوق النشر محفوظة  لـ اسلامي اف ان 2003، Copyright 2003 Islamifn, All Rights Rescived

Webmaster islam@islamifn.com   Privacy Policy